فقد ادعوا أن سليم بن قيس الهلالي وهو من أصحاب علي رضي الله عنه قد ألف كتاباً بخصوص ما دار بين علي وبقية الصحابة ? ونسوا أنه لم يكن ثمة تأليف في ذلك الزمان, أو على الأقل لم يصل إلى الأمة شيء من كتابات ذلك العصر, ومن أجل أن لا يشك أحد في مضمون هذا الكتاب المزيف نسبوا إلى الإمام جعفر الصادق أنه قال فيه: (من لم يكن معه من شيعتنا ومحبينا كتاب سليم بن قيس الهلالي فليس عنده من أمرنا شيء ولا يعلم من أسبابنا شيئاً وهو أبجد الشيعة وهو سر من أسرار آل محمد ?) ().
وأنا أجزم أن الإمام جعفراً الصادق لم يطلع على هذا الكتاب ولو أطلع عليه لأحرقه بالنار, لأنه يصور صحابة رسول الله ? ورضي الله عنهم وكأنهم وحوش في غاب يتقاتلون على الخلافة ويقذف بعضهم بعضاً بعبارات لا تخرج من أفواه العامة من الناس فكيف بتلامذة رسول الله ? وهم الذين علموا الدنيا مكارم الأخلاق.
ذكر هؤلاء المدسوسون في هذا الكتاب: (أن الصحابة قد ارتدوا بعد رسول الله ? غير أربعة () , وأن الناس صاروا بعد رسول الله ? بمنزلة هارون ومن تبعه ومنزلة العجل ومن تبعه, فعلي في شبه هارون , وعتيق في شبه العجل وعمر في شبه السامري) () ثم عمدوا إلى آيات من القرآن نزلت في مشركي قريش وكفارها فادعوا أنها نزلت في كبار الصحابة?.
ففسروا قوله تعالى: ? وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأََمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ ? () على النحو التالي:
(وقوله: (حبب إليكم الإيمان وزينه في قلوبكم) يعني أمير المؤمنين عليا. (وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان) الأول والثاني والثالث) () يعني أبا بكر وعمر وعثمان.
أما قوله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آَمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَمْ يَكُنِ اللَّهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلاَ لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً? () وقوله تعالى: ?إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ ? () قالوا في تفسيرها أن أبا عبدالله جعفراً قال- وهم كاذبون في ادعائهم هذا- نزلت في فلان وفلان وفلان (يعني أبا بكر وعمر وعثمان) آمنوا بالنبي ? في أول الأمر وفروا حين عرضت عليهم الولاية, حين قال رسول الله ?: من كنت مولاه فهذا علي مولاه, ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام ثم كفروا حين مضى رسول الله ? فلم يقروا له بالبيعة ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم فهؤلاء لم يبق لهم من الإيمان شي) ().
ولم يكتف المبطلون بهذا القدر من التهم بل ادعوا أن الصحابة ? كان يكفر بعضهم بعضاً. فقد ورد في رجال الكشي: (أن محمد بن أبي زكريا بايع عليا عليه السلام على البراءة من أبيه) ().
وأنه قال لعلي رضي الله عنه: (أشهد أنك إمام مفترض وأن أبي في النار) ().
ويقول في موضع آخر من كتابه آنف الذكر في حق أبي بكر وعمر رضي الله عنهما: (ما أهريق في الإسلام محجة من دم ولا اكتسب مال من غير حله ولا نح فرج حرام إلا ذلك في أعناقهما إلى يوم يقوم قائمنا ونحن معاشر بني هاشم نأمر صغارنا بسبهما والبراءة منهما) ().
وقد رفض علماء الإمامية هذه التهمة الشنيعة فقال الشيخ عبدالحسين شرف الدين الموسوي: (نعوذ بالله من تكفير المؤمنين, والله المستعان على كل معتدٍ أثيم, كيف يجوز على الشيعة أن تكفر أهل الشهادتين والصلاة والصوم والزكاة والحج والإيمان باليوم الآخر) ().
2 - اتهامهم بتحريق القرآن.
¥