(المسائل المؤسفة التي يجدر البكاء لها قد بدأت بعد استشهاد حضرة علي (ع) والأنانيون والطواغيت جعلوا من القرآن وسيلة لإقامة حكومات معادية للقران, ومع أن نداء (إني تارك فيكم الثقلين) كان يدوي في أسماعهم فقد عمدوا بحجج مختلفة ومؤامرات مدبرة إلى إقصاء المفسرين الحقيقيين للقرآن والمطلعين على الحقائق والآخذين جميع القرآن من النبي الأكرم ? وأبعدوا القرآن من الساحة ... وصادروا حكومة العدل الآلهي ... ووضعوا أساس الانحراف عن دين الله وعن الكتاب والسنة الآلهية).
وأخيراً أود أن أقول بأني إذ أنقل هذه النصوص التي أعلم أنها لا تمثل حقيقة اعتقاد الإمامية , أهيب بعلمائهم المنصفين أن يعمدوا إلى هذه الشناعات فيخلصوا تراثهم منها لأنها دخيلة عليهم ليعود إلى التشيع صفاؤه ورونقه خاليا من الشوائب كالجدول الرقراق.
ثانياً: نظرتهم إلى علي وبنيه ?.
لا شك أن لأهل بيت رسول الله ? مكانة رفيعة في قلوب المسلمين وتتأتى هذه المكانة وهذا التقدير من حب المسلمين لرسول الله ? وحب كل ما يمت إليه بصلة, هذا النوع من الحب لاشي فيه ولا غبار عليه بل هو من كمال الإيمان, غير أن بعض الشيع الإمامية لم يقفوا عند حدود العقل في حبهم بل أطلقوا لأنفسهم العنان فصوروا أهل بيت رسول الله ? تصويراً يرتفع بهم عن مستوى البشر. حيث زعموا أن الأئمة منهم معصومون من الخطأ وأنهم يعلمون كل ما يريدون علمه من غير أن يتعبوا أنفسهم في تحصيل العلوم. فعلمهم حضوري متى ما أرادوه فهو حاصل لديهم إلى غير ذلك من المبالغات التي لم يكن لها وجود في الجيل الأول والثاني من المسلمين. وسنذكر فيما يلي بعض الروايات التي تعطي تصوراً واضحاً عن نظرة بعض الإمامية إلى علي وبنيه ?.
1 - ليس ثمة فرق بين علي والنبي ?.
نسب بعض الإمامية أن علياً رضي ? بمنزلة النبي ? عند الله تبارك وتعالى, وإن لم يجهروا بذلك صراحة إلا أن المتفحص لرواياتهم يجد ذلك واضحاً فيها.
- روى الكليني عن أبي عبدالله ? قال: ما جاء به علي ? أخذ به وما نهى عنه انتهى عنه, جرى له من الفضل مثل ما جرى لمحمد ? ولمحمد ? الفضل على جميع من خلق الله ?, المتعقب عليه في شيء من أحكامه كالمتعقب على الله وعلى رسوله والراد عليه (أي على علي) في صغيرة أو كبيرة على حد الشرك بالله, كان أمير المؤمنين ? باب الله الذي لا يؤتى إلا منه, وسبيله الذي من سلك بغيره هلك, كذلك يجري لأئمة الهدى واحداً بعد واحد, جعلهم الله أركان الأرض أن تميد بأهلها وصحبة البالغة على من فوق الأرض ومن تحت الثرى, وكان أمير المؤمنين كثيراً ما يقول: أنا قسيم الله بين الجنة والنار وأنا الفاروق الأكبر وأنا صاحب العصا والميسم ولقد أقرت لي جميع الملائكة والروح والرسل بمثل ما أقروا به لمحمد ? ولقد حملت مثل حمولته وهي حمولة الرب وان رسول الله ? يدعى فيُكسى وأُدعى فأُكسى ويستنطق واستنطق على حد منطقه ولقد أعطيت خصالاً ما سبقني إليها أحد من قبلي علمت المنايا والبلايا والأنساب وفصل الخطاب, فلم يفتني ما سبقني ولم يعزب عني ما غاب عني, أبشر بأذن الله وأؤدي عنه كل ذلك من الله مكنني فيه بعلمه) ().
بل إن بعض علماء الإمامية وصل بهم الحال إلى أن بدئوا يقارنون بين القرآن الذي هو كلام الله تعالى وبين كلام أمير المؤمنين علي ? لكي لا يبقى هناك فرق بين النبي ? وبين علي ?:
- يقول الشيخ عبدالمنعم الكاظمي (وهو من المعاصرين):
(وإن أمير المؤمنين أفضل الصلاة والسلام عليه الذي قد أعطاه الله تعالى الولاية الكبرى وكان نفس النبي ? علماً وأخلاقاً وإيماناً حصل له ما حصل لابن عمه وشقيق نفسه محمد (ص) ... وقد قال السيد الشريف () في قصيدته الكرارية في حصول معجزة إيجاد الماء لأمير المؤمنين (ع) كما حصل للرسول الأعظم ?:
لم يعط خير المرسلين كرامة الا وجدت نظيرها في حيدر
وفصاحة القرآن معجزة وفي نهج البلاغة حكمة لم تحصر
وكلاهما بظهور معجزة سقى جيش العدى عذباً لذيذاً سكرا
هذا-بي الرسول- بفيض الماء من كف غدت بسوى النضار بنائلها لم ينهمر
وعن القليب دعا علي صخرة فسقاه عذب زلالها المتفجر ()
2 - طاعة علي أولى من طاعة الله:
¥