ونود أن نتساءل هنا , إذا كانت حقيقة علي رضي الله عنه لا يعرفها إلا من كان فوقه أو نظيره وأن أقصى ما تدركه العقول فيه أنه عالم وزاهد وشجاع؟ فكيف عرف محمد جواد مغنية حقيقة علي رضي الله عنه وأنه وحداني في ذاته, وأنه فوق الإنسان؟!! .. هل هو فوق مستوى علي أو نظيره حتى عرف عنه هذا؟!!
لا يسعني في هذا المجال إلا أن أقول سبحان الله, الله يأمر نبيه ويقول له:? قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا? () وهؤلاء المتعصبون الذين يدعون التشيع وما هم من التشيع في شيء يجعلون عليا وحدانيا في ذاته وصفاته, وأنه ليس بشراً إلا من باب التجوز.
وختاماً أكرر القول بأن الواجب التاريخي يحتم علينا وعلى إخواننا الشيعة الإمامية قبلنا أن نتعاهد تراثنا بالدراسة والتمحيص من أجل تخليصه من كل المبالغات التي تضر به أيما ضرر وتسهم بشكل فاعل في تزييف تأريخنا الوضاء , إننا إذا لم نفعل ذلك نكون قد تركنا أصحاب الأهواء والمبطلين من ذوي النفوس الخبيثة يسيئون إلى رجال الأمة وسلفها الصالح والى مذاهبنا مهما اختلفت. لأنه ليس من مصلحة أي مذهب كان أن يشاع فيه القول بتحريف القرآن وارتداد الصحابة ? أو تزييف السنة, بل المستفيد الوحيد من ذلك هم الزنادقة الذين نذروا أنفسهم وأموالهم للنيل من هذا الدين الحنيف.
نحن نريد من دراستنا أن نكون عقلانيين في حكمنا وأن لا ندع العواطف هي المعول الوحيد في حكمنا على الأمور ولا نقصد بكلامنا هذا أن نلغي عواطفنا , أبداً ... إنما نريد أن نؤطر العاطفة بإطار العقل. فنحن نحب أهل البيت ومن لم يحبهم ففي قلبه نفاق محض , لكن الحب المتعقل يمنع صاحبه من قبول دسائس المجرمين باسم الحب لأهل بيت رسول الله ? وقديماً وعى أجدادنا هذه الحقيقة جيداً فقال أحدهم:-
إن كان رفضاً حب آل محمد فليشهد الثقلان أني رافضي
الفصل الثاني
مكانة الصحابة عند
الإسماعيلية
تعريف الإسماعيلية ونشأتها
يشمل اسم الإسماعيلية كل الذين (يزعمون أن الإمامة صارت من جعفر الصادق إلى ابنه إسماعيل) ().
غير إن جميع أصحاب التواريخ لم يوافقوهم على هذه الدعوى لما صح عندهم من موت إسماعيل في حياة أبيه جعفر.
ومن الإسماعيلية من يقول (بإمامة محمد بن إسماعيل وهذا مذهب الإسماعيلية من الباطنية) () وهم يدعون أن نسبهم يصل إلى محمد بن إسماعيل, غير أن محمداً هذا لم يعقب كما نص على ذلك النسابون الثقات () وقد سميت الإسماعيلية بأسماء كثيرة باختلاف البلدان التي انتشرت فيها, وأشهر هذه الأسماء الباطنية, لزعمهم أن لكل ظاهر باطناً ولكل تنزيل تأويلاً, ففي العراق يسمون القرامطة, جمع قرمطي نسبة إلى حمدان قرمط () وبالمزدكية أيضاً نسبة إلى مزدك المعروف بدعوته إلى الاشتراك في الأبضاع والأموال.
واشتهروا في خراسان باسم "التعليمية" و"الملاحدة" و "الميمونية" نسبة إلى ميمون أخي قرمط سابق الذكر دون ميمون بن ديصان, ويدعون في مصر بالعبيدية نسبة إلى عبيد المعروف () , وفي الشام بالنصيرية والدروز, وفي اليمن باليامية نسبة إلى القبيلة المشهورة هناك, وفي بلاد الأكراد بالعلوية حيث يقولون علي هو الله – تعالى الله عما يقولون- وفي بلاد الأتراك بالبكداشية والقزلباشية على اختلاف منازعهم, وفي بلاد العجم بالبابية ولهم فروع إلى يومنا هذا تلبس لكل قرن لبوسه, وتظهر لكل قوم بمظهر تقضي به البيئة, وقدماؤهم كانوا يسمون أنفسهم بالإسماعيلية باعتبار تميزهم عن فرق الشيعة (). والإسماعيلية أو الباطنية يصعب إرجاعها إلى شخص بعينه لأنها أشبه ما تكون بتراكمات كبيرة خلفتها الحضارة الإسلامية في نفوس أولئك الذي يحنون إلى أمجادهم الأولى, يوم كانت بلاد فارس تبسط أجنحتها في مشارق الأرض ومغاربها, وبمرور الزمن وجدت هذه الشراذم الفرص التي أظهرت فيها مكنون أنفسها المريضة, وكان من هؤلاء: ميمون بن ديصان المعروف بالقداح () وكان مولى لجعفر بن محمد الصادق وهو من الأهواز, ومحمد بن الحسين الملقب بدندان () وغيرهما من اجتمعوا في سجن والي العراق ثم ظهرت دعوتهم بعد خروجهم من السجن ثم ظهر عبدالله بن ميمون القداح في الكوفة وهو ابن ميمون بن
¥