أما مبادئها وعقيدتها فهي كغيرها من الفرق الباطنية التي وافقتها في الكثير من أصولها, وسنعرض فيما يلي لأهم مبادئ الإسماعيلية ومعتقداتها.
1 - التشبيه
التشبيه نوعان: تشبيه تقصير وتشبيه غلو. تشبيه التقصير هو تشبيه ذات الباري بذات غيره من المخلوقين, أو تشبيه صفاته سبحانه وتعالى بصفات المخلوقين. وتشبيه الغلو هو تشبيه ذات أحد من المخلوقين بذات الله سبحانه, أو تشبيه صفات أحد المخلوقين بصفات الباري سبحانه () وفي كلا التشبيهين هدم للإلوهية الحقة وتقويض لمبادئ الإسلام وخروج صريح على تعاليمه.
والإسماعيلية وان لم تقل بتشبيه التقصير صراحة غلا أنها خاضت في تشبيه الغلو أيما خوض حيث شبهت أئمتها بالله سبحانه وتعالى, فقد كان أبو الفضل الباطني عامل اليمن أيام الدولة الفاطمية كان يصف نفسه بصفات الله تعالى في كتبه التي كان ينفذها. فقد جاء في أحد كتبه التي أنفذها إلى عامله أسعد بن جعفر ما نصه: (من باسط الأرض وداحيها ومزلزل الجبال ومرسيها علي بن الفضل إلى عبده أسعد ... ) ().
2 - الحلول:
وهو أن يحل الله سبحانه وتعالى بذاته أو بروحه في البشر ومذهب الغلاة يحكي قول النصارى في عيسى بن مريم ?.
وقد ظهرت بدايات القول به على يد عبدالله بن سبأ اليهودي الذي زعم أن علياً نبي, ثم غلا فيه حتى زعم أنه اله بحلول روح الله فيه () وقد ذهبت إلى القول بالحلول أغلب الفرق الغالية إن لم نقل كلها حيث ادعت كل فرقة أن الإله سبحانه وتعالى قد حل في إمامهم.
وقد قالت الإسماعيلية بوقف الحلول على الأئمة, فقد كانوا ينظرون إلى خليفتهم نظرهم إلى الله, بل إنهم ربما بالغوا في ذلك فأنكروا أن يكون هناك اله سوى إمامهم, ولا أدل على ذلك من كتابات القوم أنفسهم.
فقد نقل لنا الدكتور حسن إبراهيم حسن عن مخطوط اسمه (رسائل الحاكم بأمر الله والقائمين بدعوته يحتوي على عشرين رسالة في أصول الإسماعيلية وهو موجود بدار الكتب الملكية بالقاهرة تحت رقم (عشرين) مخطوطات شيعية نقل عنه ما يدل دلالة قاطعة على اعتقادهم بإلوهية الحاكم بأمر الله واليك جانبا منه:
(ففي الرسالة الثانية (رسالة النساء) يؤكد الداعي خطر تعدد الآلهة ويدافع عن ضرورة الاعتقاد بوحدانية الحاكم الخالق الرزاق وعلام الغيوب) ().
أما الرسالة الثانية عشرة وعنوانها المناجاة فهي تشتمل على الدعاء الذي يقوله المؤمنون في مجلس الحكمة () أما الداعي فإنه يبث الدعوة بين الناس مؤيداً ألوهية الحاكم وسرمديته, وغيرها من الصفات التي هي (فكان الحاكم في نظر الداعي هو رب العرش (فأنت صاحب العاجلة, أي الدنيا واليك حكم الآجلة أي الآخرة)) ().
(والرسالة الرابعة عشرة وعنوانها "الدعاء" ... وفيها يوضح الداعي الاصطلاحات التي كان يلقنها من يدين بمذهب الحاكم. وما جاء فيها الدعاء الآتي: " سبحانك يا مبدع الأشياء, يا مخترع العالمين, يا صفوة العالمين, سبحانك من تعزز بالكبرياء والجبروت, سبحانك من تعاظم أن يكون كمثله شيء, أو يلحقه وصف واصف, سبحانك يا من تعالى عن المساوئ! سبحانك يا من لا تلحقه صفة ولا صفة! شهدت وآمنت وأيقنت بأنك الله المبدع العزيز الواحد الأحد, وأنك بارئ لا بارئ لك, وخالق لا ضد لك, وقادر لا مقدور عليك , حاكم لا محكوم عليك, أسألك يا مولانا وسيدنا العظيم بعظيم جلال قدرتك ونور سلطانك أسألك يا مولانا بأول شيء ظهر من توحيدك وتنزيهك ونفي التشبيه عنك أن تمن علي بخالص معرفتك وحميد طاعتك والبلوغ إلى مرضاتك والثبات على أمرك, والتجنب لنهيك, والصبر على ما ينالني في عبادك من شدائد ومحن. يا أرحم الراحمين!! بحقك على من يصرف هويته عن تسبيحك وتمجيدك إلى سواك. لا أصرف ذاتي إلى غيرك , تائب إليك معترف بألوهيتك متبرئ من كل عدو لك, لا شريك لك, ولا دافع لأمرك, تجاوز عني واغفر ذنبي, واجعل معرفتك التي مننت بها علي في نفسي لا اله غيرك ولا معبود سواك) ().
وبنفس الأسلوب وبنفس الروحية يخاطب ابن هانئ الأندلسي المعز لدين الله الفاطمي حيث يقول له:
ما شئت لا ما شاءت الأقدار فاحكم فأنت الواحد القهار ()
ولاشك أن القول بالحلول يؤدي إلى هدم الإلوهية ومبدأ النبو وينفي الحاجة إلى القول بها ويدعو إلى التسلط المطلق للإمام على البرايا وفي هذا الهدم كل الهدم للإسلام وتعاليمه.
3 - التأويل
¥