وترى الإسماعيلية أن الصحابة ? كفار كلهم لم يؤمنوا برسالة النبي محمد ? وإنما تظاهروا بالإيمان. وفي هذا الصدد يقول شيخ الإسماعيلية محمد بن علي بن حسن الصوري في قصيدته الصورية:
(فأنزل الله على نبيه أن يظهر النص على وصيه
فخاف من أصحابه لعلمه بكيدهم وما نووا من ظلمه
وقيل لا تشرك فإن أشركت ليحبطن الله كل ما عملت
فقم وبلغ ولا تخف فرحمتي تنالك اليوم وكن في عصمتي
فقام في يوم غدير خم وقال حكم الله غير حكمي
من كنت مولاه فذا مولاه فوالي يارب الذي والاه
فمن والى فقد والاك كذا ومن عاداه قد عاداك
وأطلع الله على ما قد نووا لعبده وما به من الحق طووا
وأنهم سينكثون عهده ويغدرون بالوصي بعده
ويطلبون أهله بالنار تباً لأهل الغدر والإضرار
ثم قضى الله له سبحانه اختاره يسكنه جنانه
وأن تعود نفسه الزكية لسعيها راضية مرضية
فلم يقولوا مات حتى اجتمعوا وأبرموا وأتقنوا ما صنعوا
وقدموا لهم وأخروا من رفع الله وغدراً ظهروا
ثم أدعوا بأنه ما وصى وأنكروا يوم غدير النصا
وعجلوا ظلم البتول الطاهرة لأنهم قد كذبوا بالآخرة
واعتقدوا أن النبي ? كاذب وأن ما سارت له الكواكب ()
وهكذا وبكل بساطة يخرج أصحاب رسول الله ? صفر اليدين من كل جهادهم وكفاحهم في سبيل الدعوة الإسلامية بل إنها ترى أن أبا وعمر رضي الله عنهما كانا ساعدي أبي لهب في القضاء على رسول الله ? وأن الآية الكريمة (تبت يدا أبي لهب وتب) () معناها تب أب بكر وعمر باعتبارهما يدا أبي لهب. وتب أبو لهب وأنهما تظاهرا بالإسلام كيداً لرسول الله ? , فاستمع إلى قائلهم:
(فقال () لما أن رأى أبا لهب ما خصه الله به وما وهب
يا قوم مالي كله أبذله في اللات والعزى لمن يقتله
وعاهد القوم على مرادهم وأنه باق على اعتقادهم
وأنه يعلم ما يبرمه من أمره عليه ويحكمه
ثم أتى مذعناً مصدقا وعاجلاً به قد وافقا
لأجل ذا صار له في الغار مصاحباً بالليل والنهار
ليظهر ما يعلمه من شأنه ويطلع القوم على مكانه
إلى أن قال:
فقال لما جلسوا في الأبطح أن عتيقاً قد مضى لا يفلح
فمن لها مبتدراً قال عمر أنا الذي أكفيكم هذا الضرر
فقام يثني عطفه تمردا وقد غدا بسيفه مقلدا
ثم يقول:
وقال قلها أني أشهد بأن رب العالمين أوحد
وأنك الداعي إلى الرشاد رسوله الصادق في العباد
وعاد يبدي لعنة وكفرا لا يعبد الله تعالى سرا
لما رأى من قلة الأنصار وضعفهم وكثرة الكفار
والسيف في يمينه مجرد وسار في أولهم يوحد
يؤمل القوم بأن يعجلوا حتى يقولوا () للنبي يقتلوا
فلم يقم وجهه منهم أحد وأنجز الله له ما قد وعد
فخافهم لما رآهم عادوا وخاف أن يعلم ما أرادوا
فأظهر الألفة والوفاقا وأضمر العدوان والنفاقا
وأنزلت تبت يدا أبي لهب بلعن الله له تب وتب
أن بهما رام الوصول والظفر بخير خلق الله من نسل مضر ()
وفي تاريخ الدولة الفاطمية الكثير من الوقائع التي تؤكد بالبرهان القاطع على زندقة هذه الفرقة المارقة. فكم حدثنا التاريخ عن رجال قتلوا أمام أعين الناس بسبب حبهم لصحابة رسول الله ?. أجل لقد كان حب أبي بكر وعمر جريمة يستحق فاعلها العذاب والموت لأنهما طودا الإسلام ورايته الشامخة, ولأنهما كانا شوكة فقأت عيون أجدادهم من عبدة النار, واليك جانباً مما حدث أيام الحكم الفاطمي.
فقد عمل الفاطميون على لعن الخلفاء الثلاثة الأول (أبي بكر وعمر وعثمان) وغيرهم من الصحابة ? إذ عدوهم أعداء لعلي ().
وذكر المقري أن رجلاً من أهل دمشق حلت به العقوبة أيام حكم الحاكم بأمر الله الفاطمي بسبب محبته لأبي بكر وعمر حيث طافوا به في شوارع المدينة وهم ينادون عليه (هذا جزاء من يحب أبا بكر وعمر) ثم أمر به فضربت عنقه ().
ويذكر المقريزي في خططه أن الحاكم قد عزم على نبش قبر أبي بكر وعمر بالمدينة, فرشا الرسل الذين أنفدهم لتأدية هذه المهمة رجلاً من العلويين كان يسكن في منزل قريب من مدفن الخليفتين, ومن ثم شرعا بمعاونته يحفران طريقاً يوصل إلى ما يريدون, إلا أن عاصفة شديدة ثارت وبلغ من ثورانها درجة أدخلت الخوف والهلع في قلوب الأهالي, فهرع الأهالي لاجئين إلى الحرم حيث ووري الجسد الشريف وأجساد الخلفاء الأول, ولما لم تهدأ العاصفة خشي ذلك العلوي وأبلغ الأمر لوالي المدينة, فأحل به عقوبته وحال دون إتمام ما كان يريده الحاكم) ().
¥