تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قلنا أثناء كلامنا على فرق الخوارج أنهم يجمعهم اكفار عثمان وعلي والحكمين وأصحاب الجمل رضي الله عنهم جميعاً , وهم – الخوارج- كانوا يأخذون الأمور بسطحية شديدة , فبنوا نتائجهم على مقدمات ساذجة, فهم حينما قالوا بأن مرتكب الكبيرة كافر وقعوا في ورطة كبيرة جرتهم إلى أن يقعوا في أخطاء أكبر, وكل خطأ كانوا يقعون فيه كان يؤدي بهم إلى واد سحيق من الضلال بسبب عنادهم وتماديهم في الباطل.

ولقد جاء طعنهم في الصحابة ? نتيجة خطأ بسيط في فهم آية من كتاب الله ? إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ ? ().

ففي قضية التحكيم رأوا أن اللجوء إلى التحاكم إلى كتاب الله عن طريق الناس هو حكم بغير ما أنزل الله, وهو مستلزم للكفر, لهذا كفروا علياً ومعاوية والحكمين: أبا موسى الأشعري وعمرو بن العاص رضي الله عنهم ولو أنابوا إلى رشدهم واستمعوا إلى صوت العقل لكان خيراً لهم ولأمتهم لكن تنطعهم الشديد كان له الأثر السيئ عليهم , فقد كان هذا التشدد معول هدم يفت في عضدهم فترى الفرقة منهم بعد أن تثار أي مسألة مهما تكن بسيطة قد انقسمت على نفسها وهكذا حتى ترى منهم فرقتين تعترف أحدهما للأخرى بالصواب والهداية.

وبعد أن أكفر عامة الخوارج قسماً من صحابة رسول الله ? متهمين إياهم بالحكم بغير ما أنزل الله نرى قسماً منهم قد وجه تهمة أخرى إلى الصحابة ? كلهم وهي تهمة تحريف القرآن الكريم. فالعجاردة الذين تحدثنا عنهم آنفاً قالوا: (ليست سورة يوسف من القرآن ولا حا ميم عين سين قاف) () وهذا الكلام لم يتناول الصحابة ? مباشرة إلا أن فيه طعناً ضمنياً لهم لأنهم هم الذين تُرك القرآن بين أيديهم فأي تحرف يقع له يكون الصحابة ? هم المتهمين به.

وقد أدرك الأوائل من علماء الأمة خطورة هذه الآراء فحكموا بكفر من قال منهم ذلك.

يقول أبو المظفر الاسفراييني: (والكفر لا محالة لازم لهم لتكفيرهم أصحاب رسول الله ?) (). ونحن لا نوافق البغدادي حين يدخل الخوارج جميعاً في حضيرة الإيمان سوى الزيدية من الإباضية الذين يزعمون أنه سوف يرسل الله تعالى نبياً من العجم في آخر الزمان , والميمونية من العجاردة الذين يزعمون أن سورة يوسف ليست من القرآن وأنه يحل نكاح بنات الأولاد وبنات أولاد الأخوة والأخوات () لأن مثل هذا التسامح يغري الناس في التطاول على نبراس الأمة ورمز شموخها صحابة رسول الله ? ويوحي إليهم بأن تكفير المسلم شيء يسير لا يقدم و لا يؤخر في ميزان الله تعالى.

لذا فنحن نوافق أبا المظفر الاسفراييني فيما ذهب إليه من أن من كفر أحداً من صحابة رسول الله ? فقد لزمه الكفر () لأن مسألة تكفير الصحابة ? لا تقف عند حدودهم بل تصل إلى المساس بالقرآن الكريم الذي شهد لهم بصدق الإيمان وحسن الإسلام وكثرة البذل والتضحية في سبيل الله وبالسنة النبوية المطهرة التي أعلت شأنهم وقدرتهم حق قدرهم كما سنرى فيما بعد.

الباب الثاني

الفصل الخامس

مكانة الصحابة

عند

أهل السنة والجماعة

تعريف بأهل السنة والجماعة

السنة لغة: الطريقة () -سواء كانت حسنة أو قبيحة قال رسول الله ?: (من سن في الإسلام سنة حسنة فعُمل بها بعده كُتب له مثل أجر من عمل بها لا ينقص من أجورهم شيئا, ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده كتب له مثل وزر من عمل بها لا ينقص من أوزارهم شيئا) ().

ونقل الشوكاني عن الكسائي أن السنة الدوام () ولعله أراد به الأمر الذي يداوم عليه. وقال الطبري: (السنة المثال المتبع والإمام المؤتم به) () وجعل منه قول لبيد بن ربيعة:

من معشر سنت لهم آباؤهم ولكل قوم سنة وإمامها ()

وتطلق السنة لغة أيضا على الطبيعة أي السجية , وبه فسر قول الأعشى:

كريم شمائله من بني معاوية الأكرمين السنن ()

أما تعريف السنة اصطلاحاً فهي: (ما صدر عن سيدنا محمد رسول الله ? -غير القرآن- من فعل أو قول أو تقرير) ().

والجماعة اسم مأخوذ من الاجتماع والمجامعة على أمر واحد ورأي واحد, فيقال: فلان من أهل السنة والجماعة إذا كان متمسكاً بسنة رسول الله ? تاركاً لما ابتدعه المبتدعون بعده, ثابتاً مع أهل السنة الذين اجتمعوا على إمام هاد جامع لهم) ().

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير