وأهل السنة يرون أن أفضل الناس بعد رسول الله ? أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ثم بقية العشرة المبشرين بالجنة () ومن أكفر واحداً من الصحابة ? فهو كافر لا شك في كفره.
حكم سب الصحابة ? عند أهل السنة
أجمع أهل السنة – كما قلنا سابقاً- على عدالة الصحابة ? , من لابس الفتن منهم ومن لم يلابسها. ولم يجعلوا من أنفسهم حكاماً عليهم بل التمسوا لهم الأعذار وأكنوا لهم المودة. يقول ابن كثير: (وأما ما شجر بينهم بعده ? فمنه ما وقع من غير قصد, كيوم الجمل, ومنه ما كان عن اجتهاد كيوم صفين, والاجتهاد يخطئ ويصيب ولكن صاحبه معذور إن أخطأ ومأجور أيضاً وأما المصيب فله أجران اثنان وكان علي وأصحابه أقرب إلى الحق من معاوية وأصحابه رضي الله عنهم أجمعين) ().
لهذا كان موقف أهل السنة من الصحابة? موقفاً نبيلاً فقد ذبوا عنهم ودرؤوا أهل الأهواء وصرحوا بكفر من كفَّر أحداً من الصحابة? ومن سب واحداً منهم فهو فاسق.
يقول الإمام أحمد: إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله ? بسوء فاتهمه على الإسلام) ().
ويقول أبو زرعة الرازي: (إذا رأيت الرجل ينتقص أحداً من أصحاب النبي ? فأعلم أنه زنديق وذلك أن الرسول ? حق والقرآن حق وما جاء به حق وإنما أدى إلينا ذلك كله الصحابة ? وهؤلاء الزنادقة يريدون أن يجرحوا شهودنا ليبطلوا الكتاب والسنة والجرح بهم أولى وهم زنادقة).
وقد فصل ابن تيمية رحمه الله أقوال علماء الأمة في حكم من سب الصحابة ? فقال:
(من سب أحداً من أصحاب رسول الله ? من أهل بيته وغيرهم فقد أطلق الإمام أحمد أنه يضرب نكالاً وتوقف عن قتله وكفره ... وقال عبدالله (): سألت أبي عمن شتم أصحاب النبي ? قال: أرى أن يضرب , قلت له حداً؟ فلم يقف على الحد إلا أنه قال: يضرب, وقال ما أراه على الإسلام) ().
(وقال الميموني: سمعت أحمد يقول: مالهم ولمعاوية, نسأل الله العافية وقال لي يا أبا الحسن إذا رأيت أحداً يذكر أصحاب رسول الله ? بسوء فاتهمه على الإسلام) ().
وقال القاضي أبو يعلى: (الذي عليه الفقهاء في سب الصحابة ? إن كان مستحلاً كفر وان لم يكن مستحلاً فسق) ().
وذهب فريق من أهل السنة إلى أن من سب الصحابة ? فهو كافر ويجب قتله, يقول ابن تيمية موضحاً حجة هؤلاء:-
(وأما من قال يقتل السابّ أو يكفر فلهم دلالات احتجوا بها منها قوله تعالى: ? مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً ? ()
فلا بد أن يغيظ بهم الكفار , وإذا كان الكفار يغاظون بهم – أي الصحابة ? - فمن غيظ بهم فقد شارك الكفار فيما أ ذلهم الله بهم وأخزاهم وكبتهم على كفرهم ولا يشارك الكفار في غيظهم الذي كبتوا به جزاء لكفرهم إلا كافر لأن المؤمن لا يكبت جزاء الكفر ... ومنها ما روى عن النبي ? أنه قال: (من أبغضهم فقد أبغضني ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله) ().
وأذى الله ورسوله كفر موجب للقتل وبهذا يظهر الفرق بين أذاهم قبل استقرار الصحبة وأذى سائر المسلمين وبين أذاهم بعد صحبتهم () له ?.
وفي حاشية ابن عابدين أن (من سب الشيخين وطعن فيهما كفر ولا تقبل توبته) ()
وبعد فهذه هي نظرة أهل السنة والجماعة إلى الصحابة ? عرضناها بكل تجرد من غير إفراط ولا تفريط في حقهم , فهم رضي الله عنهم الأمة الوسط الذين اختارهم الله ليكونوا شهداء على الناس, نسأل الله تعالى أن يرزقنا حبهم وموالاتهم وأن يطهر قلوبنا من الغل والحسد? رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلاً لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَؤُوفٌ رَّحِيم ٌ? ().
الفصل السادس
الطعن
في الصحابة ونتائجه الضارة
الطعن في الصحابة ? ونتائجه الضارة
¥