فهل يجوز بعدها أن نطلق ألسنتنا فيهم؟ إننا إن فعلنا هذا نكون قد حكمنا على ديننا بالهزال وعلى أنفسنا بالخسران.
ثالثاً: تكذيب نصوص كثيرة من الكتاب والسنة
إن الطعن في الصحابة ? يؤدي صراحة إلى الطعن والتكذيب السافر في كثير من آيات القرآن الكريم والأحاديث النبوية الشريفة التي تشهد بعدالة الصحابة ? وحسن سريرتهم وسمو مكانتهم, وتصرح برضا الله تعالى عنهم, وحسن ثوابه لهم, وأنهم كانوا خير أصحاب لخير رسول, بل كانوا خير أمة أخرجت للناس.
وها هي بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي تشهد بعدالتهم وفضلهم والتي لا يسع أحد إغفالها أو تجاوزها.
فمن الآيات التي تشهد بذلك:
قوله تعالى: ? وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ? ().
و قوله تعالى: ? لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ? ().
و قوله تعالى: ? لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا ? ()
فهذه الآيات وكثر غيرها تقطع بعدالة الصحابة ? وتثبت أن بواطنهم كان يملؤها الإيمان فامتلأت سكينة وأمناً فهل نرد هذه الآيات من أجل أهواء ألقاها الشيطان في زوايا بعض العقول؟
إن التفوه بالنيل من الصحابة ? هو تجريد لله عن العلم – تعالى الله عن ذلك- إذ كيف يرضى عن قوم امتلأت قلوبهم نفاقاً وأهواءً وحباً للجاه والسلطان. إذن فنحن بالخيار إما أن نصدق الله فيما أخبرنا به من أن الصحابة ? قد نالوا رضاه بما امتلأت به قلوبهم من صادق الإيمان وكامل اليقين, وأما أن نرد هذه الآيات ونسمح لمن يريد أن يجتهد في سب الصحابة ? طلباً للأجر كما تزعمون؟!!
وأما الأحاديث , فمنها قوله ?: (خير الناس قرني ثم ال1ين يلونهم ثم الذين يلونهم, ثم يجئ قوم تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) ().
وقوله ?: (لا تسبوا أصحابي فوالدي نفسي بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) ().
وقوله ?: (الله الله في أصحابي لا تتخذوهم غرضاً بعدي فمن أحبهم فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني ومن آذاهم فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه) ().
فأما أن يكون رسول الله ? قد قال هذه الأحاديث عن علم بما كان عليه أصحابه, فيكون حالهم كما وصفهم, وفي هذه الحالة لا يجوز رد هذه الأحاديث, لأن ردها تكذيب له ? وهو عين الكفر والعياذ بالله, وإما أن يكون ? قد قالها اعتباطاً وجزافاً وهؤلاء أعلم بأصحابه منه ? فتكون هذه الأخبار كاذبة , وفي هذا نكون قد نسبنا الكذب إلى رسول الله ? وهو كفر بواح لاحظ لقائله بحبة خردل من إيمان.
رابعاً: الطعن في شخص الرسول ?
ومن مفاسد الطعن في الصحابة ? الطعن في شخص الرسول الأعظم ? فهم تلامذته الذين كانوا يحيطون به صلى الله عليه وسلم وكان يأنس بهم ويتحدث إليهم فكان يحبهم ويحبونه, وكانوا يجتهدون في أن تكون حياتهم بحركاتها وسكناتها مطابقة لحياته ?, من أجل هذا كان ? يقول: (من آذاهم فقد آذاني) () و يقول: (من أحبهم فقد أحبني ومن أبغضهم فقد أبغضني) ().
وقديماً قالت العرب:
عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي
وفي هذا الخصوص يقول الإمام مالك: (إنما هؤلاء قوم أرادوا القدح في النبي ? فلم يمكنهم ذلك فقدحوا في أصحابه حتى يقال رجل سوء ولو كان رجلاً صالحاً لكان أصحابه صالحين أو كما قال) ().
خامساً:- فشل الإسلام كدين صالح للتطبيق
¥