والنتيجة الخامسة للطعن في الصحابة ? هي أن الإسلام دين لم يطبق في يوم من الأيام وأنه غير صالح للتطبيق وأن تعاليمه إنما هي مُثُل تحلق في الفضاء. نعم, إذا آمنا بفسق الصحابة ? وارتداهم والعياذ بالله وهم بحضرة رسول الله ? وقد عاينوا معجزاته بأعينهم وسمعوا آيات الله وهي تتلى خلف صياصيهم على لسان نبيهم, ثم لا تلج هذه الآيات إلى قلوبهم فما معنى هذا؟ معناه أنهم قد طلب منهم ما لا طاقة لهم به أو أنهم ليسوا من البشر.
وإذا كان الصحابة ? وقد عاشوا حياتهم كما نعرفها , جهاداً في سبيل الله بالمال والنفس والولد ومفارقة الأرض والأحباب في سبيل نشر دعوة الإسلام ... إذا كان كل هذا يعد نفاقاً وفسقاً وارتداداً , فما هو معنى الإيمان الذي نريد أن نحققه والذي عجز الصحابة ? من الوصول إليه؟ أهو الاجتهاد في الطعن والسباب وتحريف كتاب رب الأرباب ورد نصوص الكتاب والسنة؟! لست أدري ماذا يبقى من الإسلام أذا أصررنا على طعن الصحابة ? وقد علمنا أن الطعن فيهم ينجم عنه سحب الثقة من القران والسنة, كما أنه ينجم عنه الطعن في شخص الرسول الكريم ? وتصوير الإسلام ديناً بعيداً عن الواقع في إمكان تطبيقه, ثم كيف نستطيع أن نتصور الرسول ? يقضي حياته بين ظهراني قوم منافقين يكلمهم ويجاملهم ويتعامل معهم ويتزوج منهم ويزوج بناته لهم, هل كان يخشاهم؟! هل كان يتظاهر بذلك وهو الذي علمنا الصدق في كل الأحوال؟!
وأخيراً أقول إن الإصرار على هذا الموقف لا يمكن المسلمين أن يجتمعوا في يوم من الأيام, ما دام فيهم من ينظر إلى الصحابة ? هذه النظرة السوداء الحاقدة المارقة.
قوله تعالى: ? رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ ? ()
الخاتمة
الخاتمة
بعد أن تكلمنا عن الصحابة ? وتعرفنا على مكانتهم عند المسلمين وبينا الآثار التي نجم عن الطعن فيهم , أرى من المناسب هنا أن أسجل في هذه الخاتمة النتائج التي توصلت اليها من خلال رسالتي هذه وهي:
أولاً: أن الصحابة ? هم حلقة الوصل بين الأمة وبين نبيها الكريم ? وأن قطع هذه الحلقة يعني قطع صلة الأمة بنبيها ?.
ثانياً: إن على المؤمنين بالله ورسوله أن يسلموا بكل ما جاء في القرآن والسنة وبالتالي فلا يجوز له أن يناقش في عدالة الصحابة ? بعد تعديل الله تعالى ورسوله الكريم ? لهم.
ثالثاً: إن الفضل بيد الله يؤتيه من يشاء من عباده, ومن فضله تعالى أن منّ على الصحابة ? فأعطاهم فضيلة الصحبة, فلا يجوز لغيرهم أن يقيس نفسه بهم وأن يجعل من نفسه حكماً عليهم.
رابعاً: إن جميع الذين تطاولوا على مقام الصحابة ? وقعوا في متاهاتٍ ومهاوٍ فاضطروا إلى القول بتحريف القرآن وبتأويل كثير من آياته تأويلاً باطنياً فاسداً لا يؤيده الظاهر ولا يتماشى مع قواعد اللغة ولا يقبله العقل.
خامساً: إن المستفيد من التطاول على السلف الصالح هم أعداء الإسلام من ملاحدة وزنادقة, لأن من شأن التطاول أن يفت في عضد الأمة ويقطع جذورها وصلتها بذلك السلف الذي شاد لها التاريخ الحافل بالأمجاد.
سادساً: إن التقريب بين المسلمين لا يكون بالسماح في التطاول على الصحابة ? , وإنما يكون بإقلاع المخطئ عن خطئه, وإن أي تقريب على حساب سلف الأمة وجيلها الفذ هو ابتعاد عن الطريق الصحيح للتقريب بين المسلمين.
سابعاً: إن الأخوة الإسلامية هي الركن الأساس الذي يجب أن يلجأ إليه المسلمون في لمّ شعث الأمة , وإن أول ما يعتمد عليه في هذا هو احترام سلف الأمة رضي الله عنهم وأرضاهم.
ثامناً: أرى من الضرورة الوطنية والدينية أن تعنى الجامعات والمعاهد في الأقطار العربية والإسلامية بدراسة حياة سلفنا الصالح من الصحابة ? والتابعين, لإطلاع الأجيال على فضلهم ومكانتهم وما قدموا لهذه الأمة من أعمال أعلوا بها قدرها ورفعوا بها ذكرها بين الأمم, ولقطع الطريق على من تسول له نفسه النيل منهم والطعن بهم خدمة لأعداء للأمة ومريدي الشر والهوان بها.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
المصادر
1. القرآن الكريم.
2. الإباضية في موكب التاريخ
3.
4.
5.
6.
7.
8.
9.
10.
11.
12. الأساس في السنة وفقهها, سعيد حوى, الطبعة ألأولى, دار السلام 1409هـ-1898م.
¥