ومما يجب التنبيه عليه أن كل ما ورد في القرآن والحديث مما يتعلق بعلاقة الخالق بالمخلوق هو من الأحكام العامة التي لا تتغير؛ لأن ظروف علاقة الخالق بالمخلوق لا تتغير، وهذا معنى قوله تعالى: (اليوم أكملت لكم دينكم) فعنى بالدين هذه العلاقات. وقد وردت في كتابه الكريم مستوفاة لا حاجة إلى إكمالها.
أما ما عدا الدين من الأمور الدنيوية فلا تشمله الآية؛ والسبب في ذلك ظاهر وذلك أن الله تعالى ونبيه الكريم أمرنا أن نطيع العقل في أمور معاشنا وأن ننزل على قوانين العقل في ذلك، ومن قوانين العقل قانون التطور، وهذا القانون يقتضي ألا تثبت الحالات الاجتماعية على نسق واحد بل هي تسير دائماً في تطور وتقدم، (ومثل هذا يقال أيضاً في الحالات الطبيعية) وأن من مقتضى هذا التطور أن تتطور معه علاقات البشر بعضها بالبعض وتتغير تبعاً لذلك القوانين الاجتماعية، فأرادت حكمة الله تعالى ألا تغلق باب التطور الاجتماعي الذي يقتضيه العقل في وجه الناس)
فالسنهوري يقصر ما هو ثابت في دين الله ولا يقبل التطور بحال على العبادات بمفهومها الضيق؛ كالصلاة والصوم والحج .. الخ.، أما غير ذلك من أمور الدين، فهو يقبل التطور (أو التغيير) ما بين عصر وآخر حسب ما تراه عقول البشر القاصرة.
فهي دعوة علمانية مستترة تريد أن تجعل من الإسلام الشامل لأمور الحياة مجرد عبادات يمارسها العبد بينه وبين ربه؛ كحال النصارى الذين تأثر السنهوري وأحزابه من العصرانيين بنظرتهم لدينهم؛ فأرادوا تعميم تلك النظرة على الإسلام.
ويقول السنهوري –أيضاً-: (الدين ينظر إلى العلاقة بين العبد وخالقه، وهذه لا تتغير، ولا يجب أن تتغير، فالخالق سبحانه وتعالى أبدي أزلي لا يجوز عليه التغيير ولا التبديل، فالعلاقة بينه وبين العبد ثابتة لا تتطور. أما مسائل الدولة فالنظر فيها لا يكون نظر مصلحة وتدبير)
-ويقول: (إن الفقهاء أدركوا ضرورة هذا التمييز فوضعوا أبواباً للعبادات وأبواباً للمعاملات، وبذلك فرقوا بين المسائل الدينية، والقانون بمعناه الحديث. لذلك يجب أن نقتصر من الفقه في أبحاثنا على أبواب المعاملات، فهذه هي الدائرة القانونية…).
وانظر للمزيد: ص 142 – 145 من كتاب (عبد الرزاق السنهوري من خلال أوراقه الشخصية
ولمتابعة المزيد انظر الرابط: http://www.alkashf.net/shkhsyat/20.htm
ـ[إبراهيم حسين]ــــــــ[07 - 05 - 07, 09:04 م]ـ
اخي الدكتور / احمد
احسنت ووفيت في النصح كعهدي بك دائما, عالم مدقق غيور على دينه, وكان ردي على الاخ محمد الجزائري فقط للتعريف بالدكتور السنهوري ومعرفة بعض مؤلفاته لقريب له يدرس القانون ولم يتطرق في سؤاله لنهجه في التاليف، وبردك الوافي الكافي اجدت واحسنت بارك الله فيكم وجعلكم من جنود الاسلام المخلصين الاوفياء.
ـ[خلدون الجزائري]ــــــــ[08 - 05 - 07, 12:57 ص]ـ
أنا حديث الاطلاع والمطالعة لكتب الدكتور السنهوري ـ رحمه الله ـ، وليس لنا نحن معاشر طلاب العلم ما نقوله أمام السادة الأساتذة والدكاترة، لكن لا يمنع تقديم مجرد شعور،
فأظن أن الكلام المذكور قاس جدا على الدكتور، وكأنه هو الذي أدخل العلمانية إلى النظم العربية، وقد كانت قبله، وما ساهم فيه من تقنين لبعض البلدان كان سيتم به أو بغيره ... ،
فهذا ما أقوله الآن، وليسمح لي السادة المشايخ والدكاترة على هذا التطاول في التعليق والتعقيب على كلامهم، وإنما هو مجرد شعور فقط
ـ[طالب شريف]ــــــــ[08 - 05 - 07, 02:08 ص]ـ
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
جزاكم الله خيراً، أخي الفاضل أحمد بخيت.
ـ[ابن العنبر]ــــــــ[08 - 05 - 07, 03:23 ص]ـ
ياليت اجد من الاخوة يفيدنا بكتب د/ السنهوري لتحميلها في الموسوعة الشاملة
ـ[أحمد محمد أحمد بخيت]ــــــــ[08 - 05 - 07, 09:07 ص]ـ
عفوا أستاذي الدكتور ابراهيم فمنك تعلمنا، وشكر الله لك أخي حنبلي، أما أخيي الأستاذ خلدون فقد أسعدني بإشراقته، ولست في الحقيقة خواضا في سير من لقوا ربهم لاسيما ممن خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا، ولكني أجبت الأخ السائل - وهو كما فهمت من طلاب الدراسات القانونية المبتدئين - بما أظن أنه الصواب في توجيه المبتديء،ويستطيع سيادته مطالعة تاريخ اتفاق مونترو والتحول التشريعي في مصر ليعلم أكثر، ولست أخفي أننا تعلمنا من منهج الدراسات القانونية التجديد في عرض الموضوعات، والجمع في بناء النظريات، وققفنا على فكر المخالف، وتثبتنا من لصوصية الغرب، ولكن الأخطر أننا عايشنا ونعيش تلك المحاولة المحمومة التي تحرص على إيجاد أبطال يزاح بهم أبطال الإسلام، وأول المرغوب القضاء على وجودهم فى الفكر والقلب فقهاء الإسلام. هذا ما عندنا والله أعلم.
أما أخي ابن العنبر فإن مبلغ علمي أن شيئا من المؤلفات الرائجة الانتشار لا يتيسر من خلال شبكة المعلومات، بل لم تتيسر برامج ألكترونية بهذه المؤلفات حتى تاريخه، ولكنك تستطيع أن تجد موسوعات في أحكام المحاكم المصرية مزودة ببعض الشروح الفقهية من كلام الدكتور السنهوري وغيره، ولعلك تستفيد من هذا الرابط: http://www.arablegalportal.org/egyptverdicts/home.aspx
وبإذن الله متي وقفت على شيء فسأدلك عليه.
¥