تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني، المولود ببغداد سنة 164هـ،والمتوفى بها سنة241هـ، ويقال بأن قبره تحيفه نهر دجلة.

هذه المذاهب الأربعة المنسوبة لأهل السنة هي التي كُتب لها البقاء إلى الآن، وقد كان معها وقبلها مذاهب فقهية كثيرة اندثرت: كمذهب سفيان الثوري بالكوفة، والحسن البصري بالبصرة، وعبد الرحمن الأوزاعي بالشام والأندلس، ومحمد بن جرير الطبري وأبي ثور ببغداد، وداود بن علي الأصفهاني الظاهري بكثير من الأمصار، وهذا الأخير كان هو الرابع بدل الحنبلي كما قال المقدسي في "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم"، وهو من أهل القرن الرابع، وكان الحنابلة يسمَّون أهل الحديث يومئذ، بل إن المذهب الظاهري عُدَّ هو الخامس، واستمر كذلك إلى القرن الثامن كما في " ديباج ابن فرحون "،ومعلوم أنه كان له نفوذ وظهور بالأندلس وبالمغرب على الخصوص أيام الدولة الموحدية، لأن هذه الدولة كانت ظاهرية، فكانت تؤيد هذا المذهب وتناصره، ثم دَرَسَ ولم يبق إلا الأربعة إلى مذاهب أخرى من أهل البدع بقي منها إلى الآن:الشيعة الإمامية الاثناعشرية الجعفرية الروافض، و الإباضية من الخوارج، و الزيدية، أما الإسماعيلية فطوائفها تزعم الانتماء إلى الإسلام، وهم كثيرون: كالنصيرية بسوريا، و البُهرة بالهند و النزارية الأغاخانية بالهند وباكستان، و المَكارمة باليمن وهم موجودون مع الأسف حتى بالمدينة إلى الآن، ويسمون بالنَّخاولة، ولهم حي هناك بالقرب من قباء، ولهم مستشفيات ومدارس، وهم ينطوون على أفكار وعقائد خبيثة لا تتمشى مع الإسلام أبداً، فالحق أنهم خارجون عن الإسلام. وأقدم المذاهب السُّنية: الحنفي: هو أوسعها انتشارا إلى الآن بالعراق ومصر والروم (يعني الترك) والهند والسند و بلخ و بخارى و فرغانة وغيرها من بلاد العجم، وله وجود بشمال إفريقية إلى الآن في الجزائر،وفي تونس، وفي ليبيا بقلة، ما عدا المغرب، فإنه لا يوجد فيه حنفية إلا المالكية، لأن الحنفية كان وجودهم تابعا للحكم العثماني التركي،وهؤلاء العثمانيون الأتراك لم يحتلوا المغرب، ولم يدخلوه فاتحين، فلهذا بقي المغرب بمنجى من هذا، ولم يكن فيه إلا مذهب مالك. أما مذهب مالك فكان بالعراق قديما ومصر وشمال إفريقية والأندلس قديما، ومن أسلم من دول إفريقية (كالسنغال، ومالي، ونيجريا، والنيجر، وبعض الأقليات هناك أغلبهم مالكية، وغلب الشافعي بمصر والشام والحجاز قديما، وزاحم الحنفية في كثير من الأمصار لا سيما في بلاد العجم، فلهذا كانت تقوم محاربات، ومواجهات دامية بينهم، أما الحنبلي فكان وما زال انتشاره محدوداً إلا في الحجاز ونجد، وله وجود بالشام ومصر

ومما يجدر ذكره: أن هذه المذاهب في الفروع يتقسمها في أصول الدين التي هي أهم من الفروع مذهبا الأشاعرة، و الماتريدية، إلا الحنابلة فهم سلفيون، ومن تتبع أطوار هذه المذاهب وتاريخ نشأتها وأسباب انتشارها وبقائها، علم أنها في الغالب لم تنتشر تدينا وطلبا للحق، وإنما بقاؤها وانتشارها بقوة السلطان، وقد قال أبو محمد بن حزم رحمه الله: «مذهبان انتشرا في بدء أمرهما بالرئاسة والسلطان: الحنفي بالمشرق، والمالكي بالأندلس»، وهذا الكلام صحيح، فإن هارون الرشيد هذا الخليفة العباسي، ولَّى لأول عهده أبا يوسف القاضي تلميذ أبي حنيفة القضاء، وكان هارون الرشيد لا يولي القضاء إلا من أشار به، وهذا حنفي وأكبر تلاميذ أبي حنيفة، وعلى هذا فلم يولََّ القضاء في ذلك الوقت وما بعده إلا الأحناف، وهكذا ساد المذهب الحنفي العراق, و خرسان, و الشام ومصر وإفريقية، نفسُ الشيء تماما وقع بالغرب الإسلامي، كما أن يحيى بن يحيى الليثي الصنهاجي المغربي الأصل تمكن من الحَكَم الأموي في الأندلس، فكان يحيى لا يولي القضاء إلا مالكيا،"نفس العملية"،فلهذا أقبل الناس على دراسة مذهب مالك، وهذا بطبيعة الحال شيء ينافي الإخلاص، ففشا مذهب مالك بالأندلس، وأخمل ذكر غيره من المذاهب، بل محا بعضها كالأوزاعية، وأصدر الحَكَم مرسوما يتوعد فيه من يخرج عن مذهب مالك -، نقل ابن خلدون عبارته فقال: «ومن خرج عن مذهب مالك فلا يلومن إلا نفسه».وهذا الشيء لا يزال موجودا إلى الآن، ومعلوم أن في المغرب المذهب الرسمي -كما يقال- مذهب مالك، وفي تعيين القضاة في الأحوال الشخصية التي هي ما بقي من

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير