تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

مذهب مالك فقط،ويوصى بأن لا يخرج القضاة عما في مدونة الأحوال الشخصية،وما لم يكن في المدونة فالحكم فيه بالمشهور والراجح من مذهب مالك، وما جرى به العمل من مذهبه، ولا يخرج القضاة عن هذا أبدا.

وهكذا ظلت هذه المذاهب بين جزر ومد حسب قوة السلطان وأهواء الحكام، والناس على دين ملوكهم -كما قيل قديما-، ولما حكم العبيديون مصر، وهؤلاء روافض شيعة باطنيون، فرضُوا فيها مذهب الرفض،وعانى منه المسلمون الأمَرَّين، إلى أن أذهبه الله على يد صلاح الدين الأيوبي، وكان أشعرياً متعصباً شافعياً، فقوى هذان المذهبان بسبب ذلك، (يعني المذهب الشافعي والأشعري)، ثم لما توارد على حكم الشام ومصر المماليك، (المماليك البحرية والبرجية) وأغلبهم جهلة، وإنما كانوا أناساً عسكريين شُجعانا، تنافسوا في بناء المدارس لفقهاء المذاهب حسب ميولهم وأهوائهم، فكثرت في عواصم العالم الإسلامي، وأهم مدنه، ووقفوا عليها الأوقاف الغنية، فكانت من أسباب ظهور التعصب المذهبي, واستفحال شأنه، إلى أن أصبح مَرَضًا مُزمنا لم يَنفع فيه علاج، وزاد من تمكنه ورسوخه: انحيازُ كبار الفقهاء والأئمة إلى ما اختاروه من المذاهب على حساب الحق، فكثُرت المناظرات، إلى أن أفضت إلى منازعات ومواجهات، أريقت فيها دماء، وانتهكت أعراض،وخربت بلدان،كما تراه مبسوطا في البداية والنهاية لابن كثير، والمنتظم لابن الجوزي، وأنشأ الظاهر بيبرس (هذا ملك مملوكي مشهور بمصر والشام)، القضاء والفتوى على المذاهب الأربعة، وهو أول من عين الفقهاء والقضاة على المذاهب الأربعة، وهذا التقليد لا زال حيا إلى الآن فكان لكل مذهب قاضٍ ومُفْتٍ، وظل الأمر كذلك إلى الآن.

وكان من أثر هذا الخلاف وتأييده:

اختلافُ المصلين حتى في صلواتهم، فجعلوا في مساجد العواصم الكبرى محاريب أربعة، حتى في بيت الله الحرام بمكة الذي هو رمز التوحيد، وقبلة المسلمين الموحّدة، كانت هذه المقامات - كما يسمونها- قائمة إلى عهد قريب حيث أبطلها الملك عبد العزيز آل سعود لما احتل مكة المكرمة. وبسبب تعدد القضاة والمدارس، تنكر الناس للحق، وتمالأ الفقهاء على إقرار الأمر الواقع، وقَصَروا نشاطهم عليه، حتى من يشتغل منهم بالقرآن والحديث والآثار، فإنما يتناولها من زاوية نُصرة المذهب، وترى هذا جلياً فيما تركوا من مؤلفات يبذل الواحد منهم قُصَارى جهده في تأويل ما يخالف مذهبه، وربما اضطُر إلى دفعه بالصدر،أو محاولة الطعن في صحته، ويعبر عن مخالفيه بـ"الخصوم" و تجد في كتب الحنفية والشافعية: "قال خصومنا"، و"هذا مذهب الخصوم"، و"أصحابنا" طبعا هم أهل مذهبهم:"قال أصحابنا،"و"هذا عند أصحابنا"،فهؤلاء مسلمون ودعوتهم واحدة،وكلمتهم لا إله إلا الله،ورسولهم واحد،والقرآن كتابهم واحد، يقولون هذا الكلام؟ أهؤلاء علماء؟!!!. ومع مرور الزمن، وتجدد المغريات، أصبح هذا عداءً مستحكِماً، وضلالا مبينا، يستغرب الواقف عليه صدورَه من مسلم، فكيف بإمام يتعاطى القضاء والفتوى، فهذا الكرخي الحنفي يقول: كل آية أو حديث يخالف مذهبنا، فهو مؤول أو منسوخ، وفتواهم بجواز زواج الحنفي بالشافعية قياسا على الذمية مشهورة، يعني أن الحنفية يقولون في فتاويهم: إن الحنفي يجوز له أن يتزوج بالشافعية قياساً على اليهودية والنصرانية، وكذلك الشافعي يجوز له عند الضرورة أن يتزوج الحنفية قياساً على الذمية، ناهيك بما اشتهر عنهم من تحريم الإقتداء بالمخالف، وبطلان صلاته،هذا قول شُهِرَ عندهم (يعني أن الشافعي لا يصلي خلف الحنفي، والحنفي لا يقتدي بالمالكي ولا بالشافعي، ومن فعل بطلت صلاته وتجب عليه إعادتها). ولا تظن أن هذا كان قديماً، فما زال منه إلى الآن رُغم استيلاء الاستعمار على العالم الإسلامي وإقصائه للشريعة عن الحياة، وما الضجة التي أثارتها الحنفية بالشام ضد الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله، لما كتب في تعليقه على "مختصر مسلم للمنذري" على حديث نزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان، وأنه - عليه السلام- سيحكم بالكتاب والسنة لا بالإنجيل، ولا بمذهب أبي حنيفة، وقصد الشيخ ناصر الدين بهذا:الردَّ على غُلاة متعصبة الأحناف ومنهم الحَصْكَفِي في الدر المختار، القائلين بأن عيسى عليه السلام، لما ينزل في آخر الزمان إلى الأرض فسيحكم بمذهب أبي حنيفة، بعد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير