تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أن يستخرج كتبه المحفوظة في صندوق ببحر جَيحون، في هَذَيان يستحي العاقل من حكايته، ومعلوم أن فقهاء هذه المذاهب كَتَبوا في ترجيح بعضها على بعض ما يقضى منه العجب، فهذا إمام الحرمين عبد الملك الجويني، وهو من شيوخ الغَزَّالي، يؤلف "مغيث الخلق، في ترجيح القول الأحق" صرَّح فيه بوجوب إتباع مذهب الشافعي فقط،وأنه وحده الصواب، فرد عليه زاهد الكوثري، (وهذا متعصب شُعوبي وأنا أعرفه، هلك منذ عقود في القاهرة وأصله تركي، كان مضرب المثل في التعصب والشعوبية وكراهية العرب، وهو عالم كبير، ولكن ما شاء الله كان مبتلى بهذا الداء فلهذا لما قيل له بعد ذلك أما كان لك أن تتأدب وهذا إمام الحرمين، ومن كبار العلماء، قال: (متعصب رُمي بمتعصب فاقتصصت منه) بـ" إحقاق الحق، ببيان الحق من مغيث الخلق " وهو مطبوع، ذهب فيه إلى أن هذا كله باطل لا فائدة من ورائه، وأن الحق هو مذهب أبي حنيفة فقيه الملة، وسلقه- أي إمام الحرمين- بلسانه الحاد، ولما احتج الأول بحديث: الأئمة من قريش، وهذا حديث صحيح،وحديث: «قدموا قريش ولا تَّقَدَّموها» وهذا كذلك صحيح، لكن كما هو معلوم أن هذه الأحاديث إنما هي في الخلافة العامة، واشتراط القرشية في الخليفة. لم يتورع الكوثري مدفوعا بتعصب فريد عن الاحتجاج بحديث حاول تقويتَه هو ومحمود العيني قبله وهو مؤلف شرح البخاري «عمدة القاري»،وكتبه كثيرة، وكان محتسب القاهرة، ومعاصرا للحافظ بن حجر، ولكن كان مضرب المثل في التعصب لمذهبه، ويكفي أن تسمعوا أنه حاول أن يصحح هذا الحديث، وبمجرد ما يسمع الإنسان هذا الحديث يعرفُ أنه موضوع، وكَذِب مختلق، وهو قوله: «سيكون في أمتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمتي، ويكون في أمتي رجل يقال له محمد بن إدريس، أضر على أمتي من إبليس،». والكل مما عمِلت أيديهم،ولعن الله مَن وَضَعه، هذا المسخ والهذيان ينسب إلى علماء كبار!!، ومحمد بن إدريس يعنون به الشافعي، وكَتَبَ المالكية بدورهم في ترجيح مذهبهم تآليف من أقدمها "الذب عن مذهب مالك" لابن أبي زيد القيرواني وهو مخطوط، وابن اللباد وكتابه صغير طبع بتونس، و"الانتصار لمذهب مالك" لابن الفخار القرطبي وهذا مخطوط موجود اكتشف مؤخراً، و"تهذيب المسالك في نصرة مذهب مالك" للفندلاوي وهو بربري ذو أصل مغربي وكتابه مطبوع بالمغرب، وهذا القاضي عياض على فضله ورسوخ قدمه في العلوم يعقد فصولا في ترجمة مالك من "ترتيب المدارك"، في ترجيح مذهبه، من قرأها بإنصاف وتجرد وقع على تعصب ظاهر، وانحياز مكشوف، وجاء أخيرا الراعي الغرناطي،وجمع مقاصد أولئك في "انتصار الفقير السالك لمذهب مالك" وهو كتاب كبير طبع في مجلد، وفيه العجب العجاب أكثر ممن قبله، وحتى مذهب أحمد بن حنبل لم ينج من آثار التعصب، إلا أني لا أعلم كتبا خاصة في ترجيحه إلا فصولا في ترجمته كما في "مناقب أحمد" لابن الجوزي، فيها فصول في ترجيه مذهب أحمد على غيره من المذاهب. وترى المالكية يتواردون في ترجيح مذهبهم على حديث الترمذي: «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون عالما أعلم من عالم المدينة» ويعتقدون أنه صحيح،ويحتجون به في فضل مذهب الإمام مالك، والحديث موجود في جامع الترمذي وغيره، وفي مسند أحمد،وهو ضعيف، وينقلون عن "سفيان بن عيينة" -،وعبد الرزاق بن هَمام الصنعاني صاحب "المصنف" أن المراد به مالك، ويدفعون قول مَن قال:إنه عبد العزيز العُمري الزاهد، على أن الحديث ضعيف كما قال الألباني في الضعيفة وهناك بيّن علته. وكنا نظن أن هذه النغمة النَّشاز من هذه المنظومة اختفت إلى الأبد لضعف أسبابها إلا أنها عادت للظهور ولإرضاء النوازع النفسية والسياسية، فمنذ عدة عقود ظهر بفاس الشيخ محمد بن عبد الكبير الكتاني وهو شيخ صوفي مشهور يدعو إلى إتباع السنة في الصلاة ومنها وضع اليمنى على اليسرى وقام في وجهه فقهاء فاس خصوصا وأنه عدو للسلطان عبد الحفيظ بن الحسن الأول لما عقد الحماية مع الفرنسيين انقلب عليه الكتاني وأعلن عداوته وخرج عليه وخرج عبد الحفيظ على إثره فقبض عليه ورده إلى فاس وقتله ضربا بالسياط، والسلطان عبد الحفيظ كان عالما وهو العالم الوحيد في سلاطين العلويين، وأوعز هذا إلى الفقيه الوزاني فألف رسالتين إحداهما للرد على المسناوي، والثانية للرد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير