تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

على المكي ابن عزوز التونسي، وأبدى في الرسالتين من ضروب التعصب والانتصار للهوى ما جعله يصرح في مواضع من الرسالتين وهما مطبوعتان أن العمل بالكتاب والسنة حرام، وإن المخاطَب بهما غيرنا وهم المجتهدون، والاجتهاد انقطع منذ القرن الخامس،وبابه سُدَّ. وهذا كلام خطير لا يتفوه به مسلم عاقل، لأن ظاهره أن الوحي لاغ جملةً وتفصيلاً، وقد قال قبلَه علي التسولي في" البهجة شرح التحفة" (1/ 20) إن المقلد لا يجوز له العمل بالحديث ولو قال إمامُه بصحته، ونقل عن البُرْزُلي أن المقلد والجاهل والعامي عندهم ألفاظ مترادفة إهـ، يعني معناها واحد وإذا عرفت أن الاجتهاد انقطع، وبابه مسدود- كما زعموا- علمت أنهم حكموا على أنفسهم ابتداء من القرن الخامس بأنهم عامَّة و جهال، وكفى الله المؤمنين القتالَ، ومنذ سنين قليلة طُبع بتطوان كتاب "الأبحاث السامية، في المحاكم الإسلامية" للفقيه محمد المرير التطواني، وهو دعوة إلى تقنين الفقه لقطع الطريق على المفتين اللاعبين والتسيب في الفتوى، والرغبة في الإسراع بفض النزاعات والفصل في الدعاوي، وهي فكرة سبقه إليها أبو سالم العياشي في القرن الثاني عشر في رحلته لو وَجَدت آذانا صاغية، على أنها خطوة في الطريق الصحيح كما يقال فقط، لأن الحق أن المذاهب كلها فيها حق وباطل لاشك فيه، ولو أَلهَمَ اللهُ أهل الحل والعقد من المسلمين رُشدَهم، لَسَلكوا المحجة البيضاء كما أمر الله تعالى بالرجوع والرد إلى الله والرسول في كتابه في [النساء:58].

«فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً».

وكما قال تعالى: «وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ». [الشورى:8].

ولَمَا وقعوا في الفُرقة والشتات وذهاب الريح،ومعروف في الآية القرآنية أن الخلاف سبب في ذهاب القوة والضعف، واختلال الأمر المفضي إلى ضَياع المجد، والاستقلال، وتسلط الأجنبي، ولكن لابد من تحقق الإنذار النبوي في نقض عُرى الإسلام عروة عروة، وأن أولها نقضا الحكم وآخرها الصلاة , ولكننا نؤمن أن المستقبل للإسلام، ونعود إلى الموضوع فنقول: بأن الفقيه المُرِير دَافَع عن المذهب، وحاول الرد على ابن حزم وابن خلدون في سبب انتشار مذهب مالك في الأندلس، ومن عجيب أمره أنه احتج في دفاعه بمرسوم الحَكَم الذي يتضمن تهديدَ مَن يخرج عن مذهب مالك بقوله: «من خرج مذهب مالك فلا يلومَن إلا نفسه» وهذه غفلة من الشيخ بأن يحتج بشيء هو ضدُّه، وجاء بعده الصديق الدكتور عمر بن عبد الكريم الجيدي خريج دار الحديث الحسنية، فأبلَى البلاء الحَسَن في النضال عن المذهب وكَتَب مقالات، وألقى محاضرات، جُمعت في كتابين (مباحث في المذهب المالكي بالمغرب) و (محاضرات في تاريخ المذهب المالكي في الغرب الإسلامي) وهما مطبوعان، حاوَل في الكتاب الأول تبرئة المذهب من نَقِصتَين ماثلتين للعيان، وهما التعصب، وخُلوُّ معظمِ كتب المذهب من الدليل، ودفاعُه رَغم طوله كان - والحق يقال- دفاعاً بالصدر، ومغالطة. وإلا فكيف يمكن الدفعُ، وقد سبق له أن شرح أسباب ظهور المذهب وانتشاره، وأنه استأثر بالأمر في الأندلس والمغرب، ولم يقبل معه غيره، حتى المذهب الظاهري الذي تعزز بالسلطان في فترة من عُمره، وهي الدولة الموحدية، لم يستطع الصمودَ معه، وهذا بَقِي بن مخلد الإمام الرباني رضي الله عنه يتعرض للامتحان الشديد بتحريض الفقهاء للعامة عليه، حتى رَجَموا داره بالحجارة، ولولا أن قيض الله له الأمير، لهلك،حيث سمع الأمير بهذا فاستدعاه، وقال له: ما هذه الكتب التي جئت بها قال مصنف ابن أبي شيبة، ومسند الإمام أحمد شيخه،فأمره أن يقرأ عليه،فلما قرأ عليه، قال له:هذه الكتب جيدة لا يجوز أن تخلو مكتبتنا منها، فأمر بانتساخها، وقال له: اذهب وانشُر علمك، فَذَهب إلى مسجد قرطبة وجَلَس يملي الحديث وهو محمي من الخليفة، وهذا الإمام أبو بكر الطُّرطوشي شيخ ابن العربي المعافري القاضي يفر من الأندلس إلى مصر لمَّا هُدد بقطع يده لرفعها في الانتقالات في الصلاة، وهي مشروحة في "نفح الطيب"، وهذا منذر بن سعيد،وأبو محمد بن حزم، وغيرهما كثير في وقائع وأحداث، لا يملك المنصفُ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير