تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومذهب مالك وأصحابه في هذا معروف، وهو إنكار هذا لكونه بدعةً، فلا قراءة حزب، ولا تجمع، ولا قراءة بصوت واحد، ولا رفع الأيدي خلفَ الصلوات، هذا كله يشجُبه مالك و ينكره، بل ويتهدد مَن يفعل هذا بالنفي والطرد من المساجد، هذا كلام تجده في شروح مختصر خليل، ومالك رحمه الله شديد في باب الابتداع في الدين لا يعرف هوادة في ذلك، ولكنَّ المتأخرين من المنتسبين إليه في الأندلس والمغرب، خالفوه في ذلك جهاراً، وفتحوا باب الابتداع في الدين، بقولهم بالبدعة الحسنة، وغلوهم في ذلك، ولا يُعرف من شروط جَرَيان العمل في هذا إلا المكان والزمان على وجه التقريب، ومبتدع الحزب هو المهدي ابن تومرت زعيم الموحدين وهذا الرجل كان دجَّالا مشَعوِذا، ادَّعى المهدية وهو كاذب، وكم له من بِدَع جَرى بها العملُ كـ: (أَصْبَحُ ولله الحمد) في آذان الصبح، ولا زالوا يقولونها إلى الآن،والتهليل يوم الأحد ليلاً، ويومَ الخميس ليلا قبل صلاة العشاء والصبح، ويَتَقاضَون على ذلك أجراً من الأحباس، وهذه بدَع. ومنها: قوله في العمل الفاسي:

والكَتْبِ بِالذَّهَبِ والتَّزْوِيقِ ... في الكُتْبِ وَالمَسْجِدِ وَالتَّوْثِيقِ

تَحْلِيَةُ القَبْرِ وَكِسْوِةُ الحَرِير ْ ... لِلْصَّالِحِينَ، وَمَصَابِيحُ تُنِيرْ

وهذا تكفي حكايتُه عن التعليق عليه، ولو كان الإمام مالك حياً لَحَارَبَهم عَليها. ومنها: رفع الصوت بالذكر مع الجنازة، وقد كَتَب في استنكاره الفقيه الرهوني الوزاني رحمه الله "رسالة التحصن والمنعة" وهي مطبوعة، ورد عليه المهدي الوزاني كعادته بِدَعوَى جَريان العمل، وهو مخالف لعمل المسلمين قاطبة إلا المغاربة، ومنها: بناء المساجد على القبور، وأن النفقة في ذلك مثابٌ عليها كما أفتى بذلك المسناوي، رغمَ أنه يميل إلى الاجتهاد، ومع ذلك فإن البيئة والتربية في الزاوية الدِلائية حيث كان صوفياً، وكان يتلمذ على الدلائيين، فهذه الآثار تسلطت عليه وأجبرته على فعل هذا المنكَر، ومنها: جواز بيع الكتب في المساجد رغم دعاء النبي عليه الصلاة والسلام لمن فعل ذلك بقوله: «لا أربح الله تجارته» ,ومع ذلك يبيعونها،,ولَمَّا أنكرتُ هذا العمل بتطوان قبلَ أكثر من أربعين سنة، قيل لي بأن هذا مما جَرَى به العملُ في تطوان، ومنها: بدع الجنائز، وهي كثيرة، تختلف من بَلَد إلى آخر، ولا سَنَد لها إلا جَريان هذا العمل. ومنها: جريان العمل بالتبقية في الجزاء والكراء للرّباع والعَقار، وفيها من الظلم ما لا يخفىَ. ومنها: الإمساك قبل الفجر بنصف ساعة أو ثلثها للتحري زَعَموا، مع مخالفته للأحاديث الحاضَّة على تأخير السحور , ومنها (النفَّار) و (الغيَّاط) في المساجد في رَمضان، وهو عريق في الوثنية، لأنه شعار الهَندُوس البْرَاهْمة في الهند، وقد شدد النكيرَ عليهم في ذلك ابن الحاج الفاسي المالكي في "المدخل "، بل زادوا على هذا في فاس، فبنوا بُرجاً قرب القرويين أعلَى من صومعة القرويين (للنفَّار) و (الغيَّاط)، وهذه العاصمة العلمية للمغرب البَلَد المبارك، ولو تتبعنا هذه المسائل لطال القولُ وتشعب، وأنا أعتقد اعتقاداً جازماً، أن هذا العبث بالشريعة كان من الأسباب المباشرة في سُقوط الأندلس، قالها قبلي الشيخ رشيد رضا، وتسلط النصارى على أهلها وإجلائهم عنها بعد تعذيبهم وإجبارهم على الدخول في النصرانية، وأخبارهم في ذلك في التاريخ تُدمي القلب، والله تعالى غيور، ولا بد أن ينتقم ممن ينتهك حرماته عمداً ويُغضِب الله بقوله وفعله، وقد قال تعالى: {فَلَمّا َآسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِين}. [الزخرف:55]

أما في المغرب فلما بَلَغ الحالُ إلى هذا الحد، تجلى انتقامُ الله تعالى في الاستعمار الذي أَلغَى هذا العملَ الضال، ونَسَخَه بِعَمل باريس الجاري به العملُ لا في المغرب فقط كما هو مشاهَد ومعلوم، ولله الأمر من قبلُ ومن بعد.

ومن أراد زيادة تفصيل لهذه الأدلة التي بَنَى عليها الإمام مالك فلْيُراجَع:" الجواهر الثمينة، في أدلة مذهب عالم المدينة"، للحسن المشاط المكي، وكتاب "أصول الفتوى والقضاء في المذهب المالكي" لصديقنا الدكتور محمد رياض المراكشي، و"مباحث في تاريخ المذهب المالكي"، و"محاضرات في تاريخه" كذلك لصديقنا الدكتور عمر الجيدي الغماري – رحمه الله- وعَفَا عنا وعنه، وفي تاريخ المذاهب الأربعة (نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الأربعة) لأحمد تيمور باشا- رحمه الله- وبالله التوفيق.

والحمد لله رب العالمين وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما. أهـ

كتبه

علامة تطوان

فضيلة الشيخ

أبو أويس محمد بن الأمين بوخبزة الحسَني

تنبيه:

هذه النسخة عُرضت على مؤلفها حفظه الله فقام بتصحيحها وإعادة النظر فيها, وأذن بنشرها فجزاه الله خيراً.

ـ[مصطفي سعد]ــــــــ[23 - 06 - 07, 08:07 م]ـ

شكرا لمنير المغربى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير