تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

يبدو- والله أعلم – أن فضيلة المفتي صار كنزا ثمينا يتداوله القائمون على أمر تشويه الإسلام واستئصاله، من خلال استغلال طيبة قلبه، وسلامة نيته؛ في إصدار الفتاوى التي تجعله رجلا " تقدميا مستنيرا "، يختلف عن أولئك الجامدين المتحجرين الرجعيين الذين يصرّون على التمسك بالكتاب والسنة والإجماع، ولا يتطوّرون مع الزمان، ولا متطلبات " ماما " أميركا، ولا مؤتمرات الأمم المتحدة، التي تهتم بقضايا المرأة، والمثلية الجنسية، والجنس الآمن وما شابه، في الوقت الذي لا تعبأ فيه بقتلى المسلمين وشهدائهم في العراق وأفغانستان وفلسطين والسودان وتشاد والشيشان وغيرها، ولا تذكر – مجرد ذكر – شيئا عن سبعة ملايين لاجئ فلسطيني، نصفهم من النساء والبنات، يقتلهن الجوع والفقر والتشرد وأحوال الطبيعة الحارة والباردة وأحوال السياسة العربية التي تغلق في وجوههن الحدود وتقيم السدود وقوات اليونيفيل وغيرها حتى لا يعود اللاجئون؛ رجالا أو نساء إلى بلادهم ومدنهم وقراهم!

فضيلة المفتي أصدر لأول مرة في تاريخ الإسلام والمسلمين فتوى تحرم ختان الإناث على الهواء مباشرة، ومن خلال اتصال هاتفى مع قناة فضائية يملكها رجل قروض، وحين سألته المذيعة: ما رأيك في ختان البنات، أجاب الرجل إجابة قاطعة حاسمة، جامعة مانعة، وقال بالفم الملآن: حرام!

ظلت مذيعة قناة رجل القروض تردد وكأنها في حلقة ذكر مع الدراويش: ختان الإناث حرام .. مرات عديدة طوال البرنامج، وكأنها تمضغ لبانة شهية لا تستطيع التوقف عن مضغها .. !

وانهالت على الفور مكالمات من حرملك سلاطين الدولة ووصيفاته، تشكر المفتي الشجاع الذي استطاع في جرأة يحسد عليها أن يقطع في مسألة طال الكلام فيها منذ مؤتمرى القاهرة وبكين، ويقرر في النهاية أنها حرام، ويجب بمفهوم السياق معاقبة كل من يقوم بهذا الأمر؛ سواء كان ولى أمر أو طبيبا، أو مستشفى!

اتكأ البرنامج الذي أذاعته فضائية رجل القروض على حادثة موت فتاة صغيرة تدعى " بدور "، قيل إنها كانت تجرى عملية ختان في عيادة أحد الأطباء أو الطبيبات، وتأثرت الفتاة نتيجة التخدير أو الإهمال فلقيت وجه ربها .. وجاء القوم بأم الفتاة إلى المحطة التلفزيونية، وجلبوا لها امرأة تتحدث باسم الفتوى (!!) وشابا بإحدى منظمات العمل المدني، وراحوا جميعا يصبون الهلاك على المعتدين من أهل الإسلام الرجعيّين المتخلّفين – وخاصة بعد أن أسعدهم المفتي بفتواه القاطعة الحاسمة: الختان حرام!!

كان فضيلته قبل أيام يعاني الأمرّين من أجهزة الدعاية الرسمية وغير الرسمية (قنوات رجال القروض وأشباهها!) حين تحدث عن التبرك ببوال الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – مما اضطره إلى سحب كتاب من السوق كان يضم فتواه أو حديثه!

قبل ذلك كنت قد تحدثت عما سميته " اللهو الخفى! "؛ حين صدرت بعض الفتاوى الغريبة في وقت بعينه، ومنها ما يسمى بإرضاع الكبير أو زميل العمل ليحل الاختلاط بين الموظفين، وقلت إن شياطين الإنس من أعداء الأمة والإسلام، يستدرجون السذج من المنتسبين إلى علماء الدين الإسلامي ليطلقوا فتاوى ما أنزل الله بها من سلطان، في وقت يتم فيه استئصال الإسلام بوحشية وإجرام غير مسبوقين؛ خدمة للعدو النازى اليهودي في فلسطين المحتلة، وسادته الصليبيين الاستعماريين في أميركا والغرب .. وقلت إن هذه الفتاوى – إن صح تسميتها فتاوى – تأتي للتغطية على التمكين للاستبداد والطغيان ومصادرة الحريات ونهب أموال الأمة بقوانين جائرة، وتعديلات دستورية شائهة؛ الهدف منها تكريس حكم طبقة مستبدة مستغلة فاسدة مفسدة، لا يعنيها أمر الوطن ولا الأمة؛ فضلا عن الإسلام!

وبعيدا عن الجدل الفقهي؛ أسأل فضيلة المفتى الذي أسعد نساء حرملك سلاطين الدولة ووصيفاته، في أرجاء البلاد: هل قضية الختان تمثل مشكلة رئيسة في واقعنا الإسلامي اجتماعيا وثقافيا وفكريا؟ وهل تمثل كارثة ملحة ينبغى التصدي لها ومواجهتها، حتى لا يتم تدمير الدولة أو تعريضها للمخاطر الجسام؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير