أيها المسلمون: اعلموا أنه لا يجوز التبرك بقبر النبي محمد r، ولا مكان ولادته، ولا غيره من الأنبياء، ولا يجوز التبرك بذوات الصالحين وآثارهم وثيابهم ومواطن عبادتهم، ولا يجوز التبرك بجدارن المساجد أو ترابها أو أبوابها بتقبيلها أو التمسح بها، حتى ولو كان المسجد الحرام أو مسجد المصطفى r، ويُشرع تقبيل الحجر الأسود، ويُشرع مسح الركنين اليمانيين -الحجر الأسود والركن اليماني- لقول ابن عمر رضى الله عنهما: "لم أر النبي r يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين"، متفق عليه.< o:p>
ولا يُقصد بذلك التبرك بهما، وإنما يقصد التعبد والاتباع، كما قال عمر بن الخطاب t: " والله إني لأُقبلك، وإني أعلم أنك حجر، وأنك لا تضر ولا تنفع، ولولا أني رأيت رسول الله r قبلك ما قبلتك"، رواه مسلم.< o:p>
وبالجملة فلا يجوز التبرك بشيء إلا بدليل من كتاب الله أو سنة رسوله r يدل على جواز التبرك به.< o:p>
أيها المسلمون: إن من الإشراك الموقع في الردى والهلاك، الاستغاثة بالأموات ودعاءهم ونداءهم وسؤالهم قضاء الحاجات وتفريج الشدائد والكربات، والتقرب لهم بالذبح والنذور وبالطواف على القبور وبتقبيل الأعتاب والجدران والستور وبالعكوف عندها وجعل السدنة والحجّاب عليها إلى غير ذلك مما هو من عمل عُبّاد الأوثان وأولياء الشيطان، وهو من الشرك الأكبر المحبط للعمل المقابل لكتاب الله وسنة سيد البشر r، يقول جلّ وعلا) ومن أضَلّ ممن يدعوا من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون % وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداءً وكانوا بعبادتهم كافرين (، ويقول تبارك وتعالى:) ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير إن تدعوهم لا يسمعوا دعائكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير (.< o:p>
أيها المسلمون إن الغلو في قبور الأنبياء والصالحين باتخاذ المساجد والقباب عليها وتزيينها وجعل الستور عليها من كبائر الذنوب ووسائل الشرك؛ لما ينتج عن ذلك من تصييرها أوثانًا تُعبد من دون الله.< o:p>
وفي البخاري: أن عائشة وعبد الله بن عباس رضى الله عنهما قالا: "لمّا نزل برسول الله r الموت طفق يطرح خميصة على وجهه فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه فقال وهو كذلك: "لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" يحذّر ما صنعوا. وقال عليه الصلاة والسلام: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء والذين يتخذون القبور مساجد"، رواه أحمد.< o:p>
أيها المسلمون: إن البناء على القبور وتجصيصها وتخصيصها والكتابة عليها أمر غير مشروع، وفي ديننا مرفوض وممنوع، فعن جابر t قال: نهى رسول الله r أن يُجصص القبر وأن يُقعد عليه وأن يُبنى عليه" رواه مسلم، وزاد الترمذي وغيره بإسناد صحيح " وأن يُكتب عليه".< o:p>
وفي صحيح مسلم أن علي بن أبي طالب t قال لأبي هياج الأسدي: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله r أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته".< o:p>
عباد الله: إن قصد عبادة الله عند قبر نبي أو ولي وسيلة من وسائل الشرك، ومن اتخاذها مساجد، حتى ولو لم يُبنَ عليها مسجد، ولذا لا يُشرع الدعاء عند القبور ولا عند قبر النبي r.
وليس ذلك من مواطن الإجابة، فقد روى أبو يعلى والحافظ الضياء في المختارة أن علي بن الحسين رضى الله عنهما رأى رجلاً يجيء إلى فرجة كانت عند قبر النبي r، فيدخل فيها فيدعو، فنهاه وقال: ألا أحدثكم حديثًا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله r: " لا تتخذوا قبري عيدًا ولا بيوتكم قبورًا وصلوا عليّ فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم". جعلني الله وإياكم من الهداة المهتدين المتبعين لسنة سيد المرسلين، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.< o:p>
الخطبة الثانية:< o:p>
الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وإخوانه وسلم تسليمًا كثيرًا.< o:p>
¥