تعالى في أواخر القرن الثاني الهجري ثم توالت جهود العلماء فكانت المرحلة الثانية على يد إمامين جليلين هما الخطيب البغدادي وابن عبد البر ثم كانت مرحلة برز فيها جانب الإصلاح وتقويم الاعوجاج لهذا العلم على يد شيخ الإسلام ابن تيميه وتلميذه ابن القيم , هذا ولأصول الفقه تعريفات كثيرة باعتبارات مختلفة ومن أدق هذه التعريفات تعريف أصول الفقه بأنه معرفة الأحكام الشرعية العملية بأدلتها التفصيلية , ومن هذا التعريف يتضح ان الأصولي يبحث عن القواعد الكلية , والنظر في الأدلة الإجمالية من حيث دلالتها على الحكم فهو ينظر في كيفيات هذه الأدلة وأحوالها من حيث كونها عامة أو خاصة , مطلقة أو مقيدة , أمراً أو نهياً مجملاٌ أو مبيناٌ , ظاهراٌ أو مؤولاٌ , ناسخاٌ أو منسوخاٌ , ويضع القواعد التي تبين الحكم لكل منها , أما الفقيه فهو يبحث في أدلة الفقه الجزئية ليصل من خلال ذلك إلى معرفة حكم من الأحكام الشرعية العملية , فالحكم الشرعي هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الطلب أو التخيير أو على جهة الوضع , ومن خلال هذا التعريف يتضح أن الأحكام الشرعية تنقسم إلى قسمين تكليفية , ووضعية , فالقسم الأول هو خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين على جهة الطلب أو التخيير , والثاني هو جعل الشيء سبباً لشيء آخر أو شرطاً أو منعاً أو صحيحاً أو فاسداً , والحكم التكليفي ينقسم إلى خمسة أقسام وهي الواجب , و المندوب , و المحرم , و المكروه , و المباح , فما أمر به الشارع على وجه الإلزام هو الواجب , أما ما لم يكن علي وجه الإلزام فهو المندوب , وما نهى عنه الشارع على وجه الإلزام , فهو الحرام , أما ما نهى عنه الشارع لا على وجه الإلزام فذلك المكروه , والمباح هو ما لا يتعلق به أمر و لا نهى لذاته فالواجب يثاب فاعله امتثالاً ويستحق العقاب تاركه , والمندوب يثاب فاعله امتثالاً ولا يعاقب تاركه , أما المحرم فيثاب تاركه امتثالاً ويستحق العقاب فاعله , والمكروه يثاب تاركه امتثالاً ولا يعاقب فاعله , والمباح لا يترتب عليه ثواب ولا عقاب , أما القسم الثاني وهو الأحكام الوضعية فينقسم إلى خمسة أقسام هي السبب , و الشرط , و المانع , والصحة , و الفساد , فالسبب هو ما يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم , و الشرط هو ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم وكان خارجاً عن الماهية , و أما ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود ولا عدم فهو المانع , والصحة هي الفعل الذي يترتب عليه أثره المقصود منه سواء أكان عبادة أو معاملة , أما ما لا تترتب عليه آثار فعله عبادة كان أو معاملة فهو الفساد , ويري جمهور العلماء أنه لا فرق بينه وبين الباطل , هذا ويمكن تقسيم الحكم باعتبار وفق الدليل أو خلافه فينقسم الحكم بهذا الاعتبار إلى قسمين هما الرخصة , و العزيمة , فالرخصة هي الحكم الثابت بدليل على خلاف دليل آخر لعذر , وهي أربعة أنواع الإيجاب , والندب ,و الإباحة ,و خلاف الأولى , أما العزيمة فهي الحكم الثابت على وفق الدليل أو خلاف الدليل , ومصادر الاستدلال منها ما أتفق أهل السنة على أنه أدلة معتبرة شرعاً وهي الكتاب , والسنة , والإجماع والقياس , وهناك أدلة اختلف العلماء عليها وهى, قول الصحابي , و شرع من قبلنا و العرف ,والاستحسان , و المصالح المرسلة ولكل نوع منها أقسامها وشروط يجب توفرها لمن أراد أن يستدل بها ,فالمستدل بكتاب الله عز وجل يجب عليه توفير شرط لكي يصح هذا الاستدلال , أما المستدل بالسنة النبوية يجب عليه بالإضافة إلى شرط المستدل بالكتاب شرط آخر فيكون عليه أن يوفر شرطين حتى يكون استدلاله صحيح فأما شرط الاستدلال بالكتاب فهو صحة الاستدلال ومعنى صحة الاستدلال أن لا يحمل الدليل مالا يحتمل , أما السنة فبالإضافة إلى هذا الشرط يجب ان يكون دليله صحيح ومعنى صحة الدليل هي سلامته من العلل , وكذلك الإجماع والقياس يجب على المستدل بهما توفير شروط سوف تجدها وغيرها من المباحث في هذا الكتاب إن شاء الله تعالى , و الله أسأل أن يجعل عملنا هذا خالصاً لوجهه الكريم موافقاً لمرضاته إنه جواد رحيم.
ـ[ابو سند محمد]ــــــــ[24 - 07 - 07, 12:29 م]ـ
موسوعة هَلْ يَسْتَوِي الّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ
¥