تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد كثرت هذه الأقاصيص الشعبية دون تنبيه من المحققين مما يتنافى مع أصول التحقيق التي تنبه على مواضع الزلل والسقط دون تدخّل في النص.

ومما يوضح لك عوار التحقيق أنك ترى تخريجهما لأي حديث نبوي لا يعودان به على مصدره في كتب الصحاح أو السن أو المعاجم أو المسانيد أو المجاميع أو الأجزاء المعتبرة في علم الأحاديث، وإنما يعودان في تخريجها على مراجع حديثية متأخرة وهي كتب فضائل بيت المقدس، ولو بذلا بعض جهد لوجدا مبتغاهما في المصادر الأولى بدل اعتمادهما على هذه المراجع، ثم إنهما لا يخرّجان هذه الأحاديث من وجوهها إذ إنهما ينظران إلى المتن دون أن يتنبها أن المتن قد يتغير راويه وأن المرجع الذي أحالا عليه يشير إلى راوٍ آخر مع اشتراك المتن في الألفاظ، ثم ترى المحققين يقفان إزاء الحديث المنقول موقف الصامت ولا ينبهان على الأحاديث الموضوعة أو المكذوبة أو الضعيفة جداً، وليس التنبيه على ذلك مما يخرج الكتاب عن وجهته إذ إن ذلك واجب المحققين وهو جزء من خدمة النص وكمال الفائدة به بالإشارة الموجزة والإحالة إلى مصدره، ولو اعترضا على ذلك لحاججناهما بأنهما بالغا في سرد مواضع ترجمات الأعلام حتى إنني لأرجّح أن الكتاب طال من حواشي مصادر تراجم الأعلام.

وقد أردت من التنبيه على هذه السقطات الكبيرة في تحقيق هذا الكتاب مما لم أكشف عنه إلا القليل في مقالتي التنبيهية هذه أن أعلن للمهتمين أننا لا زلنا بحاجة إلى تحقيق جاد يستند إلى أصول التحقيق العلمي وشرائطه لنخرج تراثنا الفلسطيني القديم وننفض عنه الغبار ونقدمه في إطاره العلمي الذي تطمئن النفس إلى ترجيحه والميل إليه، وكم أتمنى أن تقوم جهات أكاديمية فلسطينية أو تراثية على تأسيس مراكز علمية تتولى تحقيق التراث الفلسطيني المخطوط الذي لا يزال بعضه باقياً في فلسطين رغم تعاقب المحتلين، والذي تسارقته الأيدي وانتهبته في مكتبات العالم، وكم أتمنى أن يكون " الأنس الجليل بتاريخ القدس والخليل" باكورة هذا الإنتاج العلمي المحقق.

ـــــــــــــ

* الدكتور محمود محمد الطناحي،الموجز في مراجع التراجم والبلدان والمصنفات وتعريفات العلوم ص1/ 53 الطبعة الأولى 1406هـ - 1985م

** المدير العام لمؤسسة فلسطين للثقافة.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير