تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[حملوا ولأول مرة الخلاصة في فقه الأقليات للشاملة 2 + ورد 1 - 9]

ـ[علي 56]ــــــــ[04 - 09 - 07, 01:35 ص]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فقد كان المسلم قبل سقوط الخلافة الإسلامية يتنقل في بلدان المسلمين كلها غاديا ورائحا دون إذن ولا جواز سفر لأنه في دار الإسلام.

وكان إذا أسره العدو لا سمح الله إما أثناء القتال في سبيل الله أو غدرا وحيلة، فقد كان وراءه دولة عظمى تدافع عنه وتطالب به.

إما عن طريق تبادل الأسرى

أو عن طريق الفداء، فيدفع الغالي والنفيس من أجل إنقاذ الأسرى بلا خلاف بين الفقهاء

أو عن طريق القتال كما فعل المعتصم رحمه الله عندما استغاثت به المرأة المسلمة وقالت: وامعتصماه فلبى النداء مسرعاً وأنقذها.

كيف لا والله تعالى يقول لنا: {وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا وَاجْعَل لَّنَا مِن لَّدُنكَ نَصِيرًا} (75) سورة النساء

أما اليوم فقد تبدلت الأحوال، وأصبحنا ضعفاء بعد قوة، متفرقين بعد وحدة، لا نستطيع الدفاع عن أنفسنا في عقر ديارنا، فكيف ندافع عمن ليس في غير ديار الإسلام؟!!

وبعد سقوط الخلافة الإسلامية أصبح المسلمون في عديد من البلدان قلة بعد أن كانوا هم الأكثر عددا، وذلك بسبب ما فرض على المسلمين من تغيير دينهم بالقوة كما في الدول الشيوعية، والبوذية، بل زالوا عن الوجود كما في الأندلس سابقا

وهناك أناس من المسلمين أثناء الاحتلال العسكري لبلاد المسلمين قد خرجوا من دار الإسلام إلى ديار الكفر لأسباب عديدة:

منها فرارا بدينهم إلى مكان آمن كما فعل المسلمون الأوائل في مكة المكرمة حيث فروا بدينهم إلى الحبشة

وإما بحثاً عن لقمة العيش ...

وإما للدراسة والبحث ...

وإما للدعوة في سبيل الله – وهم قلة قليلة جدا-

وإما انبهارا بحضارة الغرب وانفتاحه على حدِّ زعمهم ....

وإما عن طريق أخذ أسرى بغير حق كما في أسرى كوانتناموا وغيرهم من قبل ومن بعد

وهؤلاء الذين أصبحوا أقلية في بلادهم بعد أن كانوا كثرة أو الذين صاروا في الغرب للأسباب المشار إليها أعلاه قد صادمهم الواقع المر والأليم المناقض مع الإسلام فماذا يفعلون إزاء هذا الواقع المخالف لدينهم وقيمهم المثلى؟

فكثير منهم انضوى تحت لواء الكفر وترك دينه إما بسبب تأثير وسائل الإعلام الغربية أو حبًّا بلعاعة من لعاعات الدنيا، ففقدوا هويتهم رويدا رويدا ....

وهناك أناس بقوا متمسكين ببقايا من دينهم، ولكنهم غير قادرين على الثبات أمام هذا المد الجارف، ولكن أولادهم قد ضاعوا حيث لا يعرفون عن دينهم شيئاً لأنهم ولدوا في غير بلاد الإسلام وانغمسوا فيما انغمس فيه الغرب من تحرر من القيم والمثل العليا، وخاصة الذين تزوجوا بغير مسلمات

وهناك أناس بقوا محافظين على كثير من أمور دينهم ولكن بصعوبة شديدة فلا هم لا يستطيعون العودة لبلادهم، ولا هم قادرون على الصمود

وهناك فئة قليلة جدا كشفت حقيقة الغرب وما فيه من رجس فراحت تدعو للإسلام وتبشر به فدخل على يديهم عدد لا بأس به من سكان البلاد الأصليين ....

ومن هنا نشأ ما يسمى بفقه الأقليات وفقه الاغتراب

فكيف يوفق هؤلاء بين دينهم وبين الواقع المعاش؟

لقد حدثت تساؤلات كثيرة تتعلق بالعقيدة والعبادة والمعاملات والأحوال الشخصية ....

فكتب العلماء في ذلك أبحاثاً، ولكن هذه الكتابات متباينة، فبضعهم مال إلى التسهيل في كل شيء حتى أجاز لهؤلاء أن يقاتلوا مع الكفار ضد المسلمين لإثبات مواطنتهم للكفار!!!

وبعضهم قال عن مسألة الحجاب في فرنسا: هي مسألة داخلية لا علاقة للإسلام بها

وبعضهم أجاز لهم التعامل بالربا بحجة أنهم في دار الكفر

وبعضهم كان معتدلا في تعامله مع هذه القضية الجلل فأفتى لهم بما يناسب حالهم

وبعضهم كان أشدَّ تمسكاً بدينه وقيمه فكان رأيهم أكثر وضوحاً وأقرب للنصوص الشرعية

وهذا الكتاب الذي نقدمه اليوم هو يمثل هذا الاتجاه المعتدل المنضبط والاتجاه الأشد انضباطاً .....

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير