[حملوا ولأول مرة كتاب المسلم بين الهوية الإسلامية والهوية الجاهلية]
ـ[علي 56]ــــــــ[08 - 09 - 07, 05:08 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فإن من آثار الغزو الفكري والثقافي والعسكري على بلاد المسلمين محاولة طمس هوية الأمة الإسلامية، التي بها فاقت الأمم الأخرى، ذلك لأنه إذا قضي على هوية الأمة لم تقم لها قائمة بتاتا؛لأنها بمثابة الروح من الجسد.
وقد طرح الأعداء هويات أرضية قاصرة ونتنة بآن واحد كالهوية القومية والهوية الوطنية والهوية العرقية والهوية الإقليمية، وكلها هويات جاهلية ما أنزل الله بها من سلطان.
وقد ربَّوا جيلاً من الشباب على هذه (الهويات) وخاصة الهوية القومية فزرعوا القومية الطورانية والقومية العربية والقومية الفارسية والقومية البربرية والقومية الكردية لتكون هذه القوميات بدلا عن الدين الحق.
ولما خرج المحتل العسكري من بلاد المسلمين وضع بدلا عنه هؤلاء الأغيار الذين رباهم على عينه، فساموا البلاد والعباد الذل والهوان، ولاقى المسلمون الملتزمون على يديهم من الشر والتنكيل ما لم يلاقوه على يد المستعمر الأصلي، وحاول هؤلاء طمس هوية الأمة بهذه الشعارات الجوفاء التي كانوا ينادون بها، وكان من نتيجة ذلك الذل والهوان، ونهب خيرات الأمة والإمعان في التبعية العمياء لأعداء الإسلام.
ولم يستطع هؤلاء الطغاة أن ينفعوا المسلمين بشيء لأنهم كانوا يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون.
ومن ثمَّ فلم تصل المجتمعات الإسلامية إلى السعادة المنشودة ولا إلى الارتقاء والتقدم، ولا إلى الوحدة العربية المزعومة!!!!
بل ازدادت هزائم وذلا وفقرا وهوانا على يديهم
وقد كتب الكثيرون بفضل الله تعالى حول هذه الفترة العصيبة من عمر الأمة وحذروا من هذه الهويات الجاهلية،وبينوا أضرارها أمثال أبي الأعلى المودودي والندوي ومحمد محمد حسين والرافعي والسيد قطب وأخوه محمد وأنور الجندي وعبد الرحمن حسن حبنكة وعلامتا الجزيرة ابن باز وابن عثيمين، والألباني عفا الله عنا وعنهم جميعاً وغفر لنا ولهم آمين.
====================
وصدق الشاعر عندما قال:
أبي الإسلام لا أب لي سواه إذا افتخروا بقيس أو تميم
وهوية الأمة الإسلامية إنما هي الإسلام الذي قال الله تعالى عنه: { .. الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا .. } (3) سورة المائدة
بل أمرنا أن نعلنها مدوية لأهل الكتاب وغيرهم بقوله تعالى: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (64) سورة آل عمران
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ} (102) سورة آل عمران
وهي الرسالة الخاتمة القادرة على إصلاح البشرية جمعاء في كل عصورها وصورها.
ففي المستدرك للحاكم برقم (207) عَنْ قَيْسِ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ، قَالَ: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ وَمَعَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَأَتَوْا عَلَى مَخَاضَةٍ وَعُمَرُ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا وَخَلَعَ خُفَّيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَخَذَ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ فَخَاضَ بِهَا الْمَخَاضَةَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا، تَخْلَعُ خُفَّيْكَ وَتَضَعُهُمَا عَلَى عَاتِقِكَ، وَتَأْخُذُ بِزِمَامِ نَاقَتِكَ، وَتَخُوضُ بِهَا الْمَخَاضَةَ؟ مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ اسْتَشْرَفُوكَ، فَقَالَ عُمَرُ: " أَوَّهْ لَمْ يَقُلْ ذَا غَيْرُكَ أَبَا عُبَيْدَةَ جَعَلْتُهُ نَكَالًا لَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ فَأَعَزَّنَا اللَّهُ
¥