كان شيخنا الأستاذ الكبير أبو عبد الله بن الفخار رحمه الله يأمرنا بالوقف على قوله تعالى في سورة البقرة "قالوا الآن" ويبتدئ "جئت بالحق" وكان يفسر لنا معنى ذلك أن قولهم "الآن" أي فهمنا وحصل لنا البيان، ثم قال "جئت بالحق" يعني في كل مرة وعلى كل حال.
وكان رحمه الله يرى هذا الوجه أولى من تفسير ابن عصفور له من أنه حذف الصفة، أي بالحق البين.
وكان يحافظ عليه.
إنشادة
للمؤلف في تقريظ الشفاء
لما أخذ فيما زعموا شيخنا الإمام الشهير الخطيب المحدث البليغ أبو عبد الله بن مرزوق في شرح كتاب الشفاء للقاضي أبي الفضل عياض وهو مستوطن مدينة فاس من بر العدوة بعث إلى الأندلس في طلب أمداح من شعرائها لكتاب الشفاء ليجعل ذلك مقدمة الشرح فندبني إلى امتحان الفكر لهذا المقصد صاحبنا الفقيه الكاتب أبو عبد الله بن زمرك إلى أن سمح الخاطر بهذه الأبيات بسيط.
يا من سما لمراقي المجد مقصده=فنفسه بنفيس العلم قد كلفت هذي رياض يروق العقل مخبرها=هي الشفا لنفوس الخلق إن دنفت يجني بها زهر التكريم أو ثمر الت=عظيم، والفوز للأيدي التي قطفت أبدت لنا من سناها كل واضحةٍ=حسانه دونها الأطماع قد وقفت وشيد العقل أركاناً موطدة=بها على متن أصل الشرع قد رصفت قوت القلوب وميزان العقول متى=حادت عن الحجة الكبرى أو انحرفت فيا أبا الفضل حزت الفضل في غرض=به أقرت لك الأعلام واعترفت وكنت بحر علوم ظل ساحله=منه استمدت عيون العلم واغترفت زارته من جنبات القدس باسمةً=فحركت منه موج الفكر حين وفت حتى إذا ما طمت أمواجه قذفت=لنا بدرتها الحسناء وانصرفت إن العناية لا يحظى بنائلها=حريصها بل على التخصيص قد وقفت
إفادة
قاعدة عدم التشديد
على المستفتي
كنت يوماً سائراً مع بعض الأصحاب إذ لقينا شيخنا الأستاذ المشاور أبا سعيد بن لب أكرمه الله بقرب المدرسة، فسرنا معه إلى بابها ثم أردنا الانصراف، فدعانا إلى الدخول معه إلى المدرسة، وقال أردت أن أطلعكم على بعض مستنداتي في الفتوى الفلانية وما شاكلها وأبين لكم وجه قصدي إلى التخفيف فيها وكان قد أطلعنا على مكتوب بخطه جواباً عن سؤال في يمين أفتى فيها بمراعاة اللفظ والميل إلى جانبه، فنازعناه فيه في ذلك اليوم، وانفصل المجلس على منازعته، فأرانا مسائل في النهاية وأحكام ابن الفرس وغيرهما وبسط لنا فيها بما يقتضي الاعتماد على لفظ الحالف وإن كان فيه خلاف ما لنيته بناء على قول من قال بذلك من أهل المذهب وغيرهم.
وقال أردت أن أنبهكم على قاعدة في الفتوى وهي نافعة جداً ومعلومة من سنن العملاء وهي أنهم ما كانوا يشددون على السائل في الواقع إذا جاء مستفتياً.
وكنت قبل هذا المجلس تترادف علي وجوه الإشكالات في أقوال مالك وأصحابه، فلما كان بعد ذلك المجلس شرح الله بنور ذلك الكلام صدري فارتفعت ظلمات تلك الإشكالات دفعة واحدة، لله الحمد على ذلك ونسأله تعالى أن يجزيه عنا خيراً وجميع معلمينا بفضله.
إنشادة
لأبي محمد بن حذلم
أنشدني صاحبنا الفقيه الأديب أبو محمد بن حذلم لنفسه متقارب يقولون لي خل عنك الأسى=ولذ بالسرور فذا يوم عيد فقلت لهم والأسى غالب=ووجدي يحيا وشوقي يزيد توعدني مالكي بالفراق=فكيف أسر وعيدي وعيد
إفادة
تأويل آيتين
قال لي الأستاذ الجليل أبو سعيد بن لب حفظه الله سئلت عن قوله تعالى في سورة النساء "تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله ندخله جناتٍ تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها" الآية فجمع قوله "خالدين " وقال بعد "ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده ندخله ناراً خالداً فيها" فأفرد قوله "خالداً".
قال وأجبت أن الجنة لما كان لأهلها فيها اجتماعات، وليس فيها فرقة ولا توجد، جاء قوله "خالدين فيها " اعتباراً بالمعنى الحاصل في الجنة من الاجتماع. ولما كان أهل النار على الضد من هذا وكل واحد منهم في تابوت من نار، حتى يقول أحدهم إنه ليس في النار إلا هو جاء قوله "خالداً فيها" اعتباراً بهذا المعنى.
¥