مثل لنا شيخنا الأستاذ العالم أبو علي الزواوي في أثناء القراءة عليه لكتاب ابن الحاجب الفرعي عند قوله والمذهب أن المني نجس القلب عند الجدليين، وهو الاستدلال على نقيض الحكم بعين الدليل صورة ومادة، وقال مثله لنا الأستاذ أبو عبد الله المسفر رحمه الله ونحن نقرأ كتاب ابن الحاجب عند قوله والمذهب أن المني نجس فقال إن بول الغنم عند الشافعي نجس والمني عنده طاهر، فيقول المالكي الدليل على أن المني نجس أن بول الغنم إما أن يكون نجساً وإما أن يكون طاهراً، وأياً ما يكون فيلزم نجاسة المني فإن كان نجساً فيلزمه نجاسة المني عملاً بالمشترك وهو الاستقذار مثلاً والاستحالة إلى فساد أو نحو ذلك، وإن كان طاهراً فيلزم نجاسة المني وإلا انتهض الإجماع في موضع الخلاف وذلك باطل، فيقول الشافعي الدليل على أن المني طاهر، أن بول الغنم إما أن يكون طاهراً وإما أن يكون نجساً، وعلى كل تقدير يلزم ن يكون المني طاهراً، فإن كان طاهراً فيلزم طهارة المني عملاً بالمشترك، وهو أن كل واحد منهما فضلة تبرز من محل واحد، ونحو ذلك مما يمكن، وإن كان نجساً فيلزم طهارة المني ولا ينهض الإجماع في موضع الخلاف.
قال فما كان مثل هذا الدليل فهو باطل.
إنشادة
لأبي الحسن القرطبي
يرويها أبو بكر القرشي أنشدني الشيخ الفقيه القاضي الأعدل أبو بكر بن القرشي رحمه الله قال أنشدني شيخنا القاضي الخطيب المتفنن أبو البركات البلفيقي، قال أنشدني الأستاذ أبو الحسن علي بن سليمان القرطبي لنفسه رحمه الله طويل ألا هل إلى ما أرتضيه بلاغ=وكيف يرى يوماً إليه فراغ وقد قطعت دوني قواطع جمة=أراع لها مهما بدت وأراغ ومالي إلا عفو ربي وفضله=ففيه إلى ما أرتجيه بلاغ
إفادة وإنشادة
نظم ابن لب في القضاء
والقدر للرد على متحير سئل شيخنا الفقيه الإمام العالم العلم الشهير أبو سعيد بن لب عن مضمون هذه الأبيات، وهي طويل أيا علماء الدين ذميٌ دينكم=تحير دلوه بأوضح حجة إذا ما قضى ربي بكفري بزعمكم=ولو يرضه مني فما وجه حيلتي؟ قضى بضلالٍ ثم قال ارض بالقضا=وهل أنا راضٍ بالذي فيه شقوتي دعاني وسد الباب دوني فهل إلى=دخولي سبيل بينوا لي قضيتي إذا شاء ربي الكفر منه مشيئةً=فهل أنا راضٍ باتباع المشيئة؟ وهل لي اختيار أن أخالف حكمه=فبالله فاشفوا بالبراهين علتي وأجاب الأستاذ أجله الله، بعد الحمد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بما نصه طويل قضى الرب كفر الكافرين ولم يكن=ليرضاه تكليفاً لدى كل ملة نهى خلقه عما أراد وقوعه=وإنفاذه والملك بلغ حجة فنرضى قضاء الرب حكماً وإنما=كراهتنا مصروفة للخطيئة فلا ترض فعلاً قد نهى عنه شرعه=وسلم لتدبيرٍ وحكم مشيئة دعا الكل تكليفاً ووفق بعضهم=فخص بتوفيقٍ وعم بدعوة
فتعصي إذا لم تنتهج طرق شرعه=وإن كنت تمشي في طريق المشيئة إليك اختار الكسب والرب خالقٌ=مريد بتدبير له في الخليقة وما لم يرده الله ليس بكائن=تعالى وجل الله رب البرية فهذا جواب عن مسائل سائلٍ=جهولٍ ينادي وهو أعمى البصيرة أيا علماء الدين ذمي دينكم=تحير دلوه بأوضح حجة ثم وقع بعد ذلك ما نصه هذه الأبيات المكتتبة تضمنت جواب الأبيات الستة المكتوبة فوق هذا. نظم هذه كاتب هذا فرج بن لب لطف الله تعالى به وغفر له.
فالبيت الأول منها مأخوذ من قوله تعالى "ولو شاء الله ما أشركوا" ولو شاء ربك ما فعلوه" مع قوله "ولا يرضى لعباده الكفر".
والبيت الثاني مأخوذ من قوله تعالى "قل فلله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين" يعني بالحجة البالغة حجة الملك كما وقع في حديث مسلم حين سأل عمران بن الحصين أبا الأسود عما قضى على الكافرين من كفرهم أفلا يكون ظلماً؟ فقال أبو الأسود كل شيء خلق الله وملك يده لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، فقال له عمران أحسنت إنما أردت أن أحزر عقلك، الحديث.
والبيت الثالث والرابع مأخوذ معناهما من قوله تعالى "إن الله يحكم ما يريد"، "وكره إليكم الكفر والفسوق والعصيان".
والبيت الخامس مأخوذ من قوله تعالى "والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" فعم بالدعاء إلى الجنة وخص بالهداية.
السادس، مأخوذ من قوله تعالى "فليحذر الذين يخالفون عن أمره"، مع قوله تعالى "من يشإ الله، يضلله " "ومن يضلل الله فلا هادي له ونذرهم في طغيانهم يعمهون".
والبيت السابع مأخوذ من قوله تعالى "والله خلقكم وما تعملون".
والبيت الثامن مأخوذ من قوله تعالى "وما تشاؤون إلا أن يشاء الله"، "إن تحرص على هداهم فإن الله لا يهدي من يضل"، "إنك لا تهدي من أحببت" الآية.
والحمد لله تعالى.
تم الكتاب
ـ[عبدالرحمن الفقيه]ــــــــ[25 - 10 - 03, 07:16 م]ـ
الكتاب في ملف وورد