فإني قد اطلعت على الكتاب الموسوم بـ (مغني المريد الجامع لشروح كتاب التوحيد) أو في ص7 (مغني المريد شرح كتاب التوحيد) ووجدت فيه ما يخالف الاسم لفظاً ومعنى، وهذا بالنظر إلى بعض ما فيه، وإلا فإن الكتاب ضخم كبير ولو تُتُبِّع لوجد فيه الشيء الكثير من الطامات والعديد من الضلالات، وهذه الأخطاء التي وقفت عليها قسمتها إلى قسمين:
الأول: أخطاء منهجية، وأذكر منها:
1 - أنه ذكر عنوان الكتاب بأنه مغني المريد الجامع لشروح كتاب التوحيد، فالذي يقرأ العنوان يظن أن المؤلف يذكر ما ذكره شراح كتاب التوحيد، ويجمع كلامهم، ولا يفهم من العنوان أن للمؤلف فيه كلاماً بينما الكتاب، نصفه بل ثلثاه ليس من كلام شراح كتاب التوحيد، فهو إما أنه من كلام من سبق الإمام محمد بن عبد الوهاب وهؤلاء لا يتصور منهم أن يشرحوا الكتاب، أو من كلام الجامع ومنه ما هو من كلام غيره من أهل الجهالات والضلالات، فالكتاب من الناحية المنهجية ليس جامعاً لشروح كتاب التوحيد.
2 - أنه قال في المقدمة ص5:"أصبح (أي الناس) أمام هذه الشروح مشتت (هكذا) وشارد، فأحببت أن أسعفهم بمرادهم على حسب طاقتي"؟
فهل شروح كتاب التوحيد يتشتت أمامها الطلاب، وتشرد أذهانهم، أم أن كل واحد منها علم في بابه، ومستوفٍ لمقصوده الذي من أجله ألف، فليس بين الشروح تناقض ولا تنافر، بل بعضها يؤكد بعضاً ويكمله.
وما فعله الكاتب هو الذي يؤدي إلى التتشتت حيث إنه كثيراً ما يورد على الآيات والأحاديث إشكالات تحير البريات ثم يحاول الجواب عنها فيتشتت القارئ ويشرد ذهنه ويتحير فكره ويتشوش، وانظر على سبيل المثال (ج2/ص543و545) حيث قال:" إشكالات في الآية وأجوبتها ".
فهذه الشروح التي لها منزلة عند أهل السنة هل يقال عنها إنها تشتت أذهان الطلبة؟!
3 - طعنه في الكتاب وما قاله الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - من حيث يشعر أو لا يشعر، إذ قال في (ج1/ص6):" واتبعت طريقتهم (أي طريقة الشراح) في التنبيه على بعض ما تضمنه الكتاب من بعض أنواع التوحيد "!!
فيفهم من عبارته اقتصار كتاب التوحيد على بعض أنواع التوحيد دون بعض أو إغفاله، فلماذا إذاً سمى الإمام هذا الكتاب بكتاب التوحيد، أليس لأنه متضمنٌ التوحيد كله؟!
هذا من وجه، ومن وجه آخر لم يسبقه إلى مثل هذا القول من شراح كتاب التوحيد، بدءً من الشيخ سليمان إلى الشيخ محمد بن عثيمين فيمن ذكرهم - رحمهم الله جميعاً - فكلهم أثنوا على هذا الكتاب ولم يوجه إليه أن فيه بعض أنواع التوحيد.
وقال في (ج1/ص239) معلقاً على قول الإمام (المسألة السابعة: أن عبادة الله لا تحصل إلا بالكفر بالطاغوت): " فلو كان تكفير الطواغيت أو تكفير من لم يكفرهم أو شك في كفرهم من أصل الدين لم يتوان طاووس في تكفير أهل العراق ".
وقول طاووس هو: (عجباً لإخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمناً).
أقول: انظر كيف لم يفرق بين الطاغوت المجمع على كفره، وبين المختلف في تكفيره لمانع يراه بعض المجتهدين أو القضاة، وهذا مخالف لما نص عليه الإمام محمد كما نقله الكاتب.
فالكفر بالطاغوت شيء والتكفير شيء آخر ولا يجوز الخلط بينهما، وقول الإمام محمد واضح وبين ولكن الاستدراك بشيء لم يذكره الشراح واستدركه الجامع زعماً.
4 - قال في مقدمة كتابه ص6: "ثم أكِرُّ على شرح الأدلة التي أوردها المصنف من الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة (ثم قال) بأن نبدأ التفسير بالقرآن ثم بالسنة ثم بفهم سلف الأمة حتى يتبين المطلوب خير بيان، مستعيناً في ذلك بأمهات التفسير من لدن الطبري وابن أبي حاتم إلى ابن كثير حتى أضواء البيان وبين ذلك من كتب تفسير القرآن الكثير".
والملاحظة على هذا الكلام من عدة أوجه:
أ- أنه شرح آيات الحاكمية وغيرها بفهم سيد قطب كما سيأتي.
ب- ذكر أنه يفسر من أمهات التفسير وذكر التفاسير المرضية منها، ولكنه لم يكتف بها بل نقل عن كثير من الضُّلال منهم: الزمخشري المعتزلي، والرازي الأشعري الفيلسوف، ونقل عن ظلال القرآن الذي جمع البدع وزعم أنه ليس فيه تأويلات حيث قال: "ظلال القرآن مع التنبيه على ما يفهم منه التأويل أو الخطأ في الدليل لا المدلول أحياناً ".
فماذا يفهم القارئ من هذه العبارة، سوى براءة سيد قطب من التأويل؟!
¥