تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

حمل ولأول مرة المفصل في شرح حديث «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ» للشاملة 2 + ور

ـ[علي 56]ــــــــ[22 - 09 - 07, 12:28 م]ـ

قبسات من المقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الخلق محمد بن عبد الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه إلى يوم الدين 0

أما بعد:

فهذا شرح مفصل لحديث «مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ».

وقد أجمعت الأمة الإسلامية على وجوب إقامة هذا الحد عبر العصور الإسلامية السالفة، وذلك لحماية المجتمع الإسلامي من الفساد والإلحاد، فالإسلام لا يجبر أحدا على الدخول فيه، ولكنه إذا دخل بإرادته فلا يجوز له الرجوع عنه بحال من الأحوال .....

فلم يقع في أصله خلاف، وإن حصل اختلاف في فروعه كالاستتابة ومدتها وأنواع المكفرات.

ولكن هذا القتل لا يكون إلا بأمر الحاكم المسلم؛ لأن مرجع تنفيذ الأحكام إليه، عند جمهور أهل العلم، كما لا يقتل حتى يستتاب ويصرّ على ردّته، ولا بد من تحقق الردّة بثبوت موجبها وتحقق شروطها وانتفاء موانعها من الخطأ والإكراه ونحو ذلك

==============

موقف فقهاء العصر من قتل المرتد

وأما فقهاء العصر فكان موقفهم - من إقامة حدِّ الردةِ-مختلفٌ على الشكل التالي:

الفريق الأول- وهم الذين باعوا دينهم بثمن بخس، فقد أنكروا حدَّ الردة، واعتبروه مناف للحرية الشخصية على حذِ زعمهم، واستدلوا بقوله تعالى: {لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (256) سورة البقرة

فالجواب على شبهتهم من وجوه:

(1) أولاً: إن المرتد بعد أن أقر بالإسلام والتزم به وتسمى به، فقد رضي بكل ما تضّمنه الإسلام من أحكام ومنها حكم المرتد.

(2) ثانياً: إن المرتد لا يقتل إلا بعد استتابته ثلاثاً- أي: ثلاثة أيام- مع خلاف في بعض المسائل كمن سب الله تعالى أو رسوله -عليه الصلاة والسلام-. فإصراره على الردة، والسيف مروض على رقبته، يدل على عدم استحقاقه البقاء، إذ لو بقي لكان عامل فتنة مهدم لضعيفي الإيمان من أبناء الأمة، بما قد يلقيه عليهم وبينهم من الشبه والأغلوطات، فقتل المرتد حماية لغيره من اقتفاء أثره والتشبه بمسكله. وتأمل كيف سمى الله تعالى قتل القاتل حياة حين قال:"ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون".

(3) ثالثاً: لو تُرك المرتد بلا قتل؛ لاتخذ الناس دين الله هزواً ولعبا؛ ً فيسلم أحدهم اليوم ويكفر غداً ويسلم غداً ويكفر بعد غد بلا مبالاة، بدعوى حرية المعتقد، وفي ذلك مفاسد لا تخفى والله المستعان.

كما أن التساهل في هذه العقوبة يؤدي إلى زعزعة النظام الاجتماعي القائم على الدين، فكان لا بد من تشديد العقوبة لاستئصال المجرم من المجتمع منعاً للجريمة وزجراً عنها. وشدة العقوبة تولّد في نفس الإنسان من العوامل الصارفة عن الجريمة ما يكبت العوامل الدافعة إليها، ويمنع من ارتكاب الجريمة في أغلب الأحوال.

ومن المعلوم أن العقوبات تتناسب مع الجرائم؛ فكلما ازدادت بشاعة الجريمة استلزمت عقاباً موازياً لها في الشدة


والفريق الثاني - فقد أنكروا حدَّ الردة أيضاً، واعتبروا أن الحديث الذي ورد فيه ليس متواترا، ولا يوجد في القرآن الكريم نصٌّ على عقوبة المرتدِّ!!!!
لقد تبيّن مما سبق أن حد الردة محل إجماع، والإجماع يرفع الحكم إلى القطعيات، كما أن الحديث ورد بعدة طرق، وأخرجه صاحب الصحيح مما يجعله محفوفاً بالقرائن التي ترفعه إلى إفادة العلم كما قرره الحافظ ابن حجر في نزهة النظر وقد نقل أيضاً في نفس الموضع الإجماع على وجوب العمل بما في الصحيح، ثم إن أحاديث الآحاد لم يتوقف علماء الصدر الأول من الإسلام عن الأخذ بها سواء في العلميات أو العمليات.
كما أنّ حد الزاني المحصن وشارب الخمر وتفصيلات حدود السرقة وزنا البكر كلها إنّما ثبتت بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الآحاديّة.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير