تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما أن يحمل الأمران على عزيمة الصيام في السفر، وعزيمة الفطر فيه دائما فلا، لأنه يتناقض مع فهم راوي الحديث نفسه، وهو ابن عباس رضي اللّه عنهما فقد ورد عنه في الصحيحين "سافر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في رمضان فصام حتى بلغ عسفان، ثم دعا بإناء فيه شراب فشربه نهارا ليراه الناس ثم أفطر حتى دخل مكة. قال ابن عباس- عقب ذلك مباشرة- فصام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر" [31].

فقول ابن عباس: "فمن شاء صام ومن شاء أفطر" أدل على فهم فعل رسول اللّه صلى الله عليه وسلم، وأدق من فهم ابن شهاب رضي اللّه عنه، وأولى بالاعتبار منه. وأما الآثار التي نقلت عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن وجوب الفطر في السفر، ففي بعضها ضعف من جهة سندها أو هي معارضة بما هو أقوى منها، وبعضها الآخر، إما أن يكون قد ذكر على سبيل التغليظ والتشديد وإما ن يكون على سبيل الاجتهاد الشخصي من صاحبه في فهم النصوص، ونبين ذلك بشيء من الإيضاح فنقول:

(أ) - ما روي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما، من قوله: لا يجزئه الصيام وما ورد بمعناه عنه، فإنه يتعارض مع ما هو أقوى منه، وهو رواية ابن عباس لحديث صيامه صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح حتى بلغ الكديد ثم أفطر- وقد قال ابن عباس معقباً على الحديث: لقد صام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفطر فمن شاء صام ومن شاء أفطر .. وقد تقدم ذلك قريبا، وهذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما فهو أقوى.

(ب) - وأما ما نقل عن عبد الرحمن بن عوف من قوله: "الصائم في السفر كالمفطر في الحضر". فقد قال البيهقي: "هو موقوف، في إسناده انقطاع، وقد روى مرفوعا وإسناده ضعيف" [32] وقد نقل النووي قول البيهقي هذا في المجموع واحتج به على من تمسك بهذا الأثر. لكن صاحب الجوهر النقي قد تعقب قول البيهقي السابق: فذكر أن هذا الأثر، قد رواه أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه، وقد قال ابن معين والنسائي: لم يسمع من أبيه، فهذا معنى قول البيهقي: وفي إسناده انقطاع: إلا أن ابن حزم صرح بسماعه من أبيه، وتابع حميد بن عبد الرحمن أَخاه أبا سلمة فرواه عن أبيه كذلك. كذا أخرجه النسائي في سننه بسند صحيح، وذكر ابن حزم أن سنده في غاية الصحة وعلى فرض صحة نسبة هذا القول إلى عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، فإنه يحمل، إما على التشديد في قبوله الرخصة ردا على من تركها رغبة عنها، أو على أن ذلك اجتهاد منه في فهم النص القرآني. وعليه، فلا يكون حجة لأنه يتعارض مع تفسير الرسول صلى اللّه عليه وسلم للرخصة والذي أشرنا إليه قريبا ..

(ج) - أما ما نقل عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: "من أن رجلا صام رمضان في السفر فأمره عمر أن يقضيه"، ففي سنده عاصم بن عبيد الله بن عاصم, قال عنه ابن حجر في التقريب: "ضعيف".

(د) أما ما نقل عن أبي هريرة، عن قوله: في حق الرجل الذي صام في السفر، "لو مات ما صليت عليه"، فإنه قد تبين من خلال القصة، ضعف الرجل عن الصيام في السفر، ومن كان هذا حاله فإنه ينبغي أن يشدد عليه في الأخذ بالرخصة، فحاله هذه قريبة الشبه بحالة الرجل الذي قال صلى الله عليه وسلم في حقه: "ليس من البر الصيام في السفر"، أي أن من ضعف عن الصيام في السفر، فلا ينبغي أن يشدد على نفسه حتى يفضي إلى هلاكها، فإن هذا الفعل ليس من البر في شيء.

أحوال القلب

قال أبو بكر الوراق:

للقلب ستة أشياء:

حياة، وموت، وصحة، وسقم، ويقظة، ونوم. فحياته الهدى .. وموته الضلالة .. وصحته الصفاء، وعلته العلاقة، ويقظته الذكر، ونومه الغفلة.

وقال أبو حاتم: موت القلب من أربعة أشياء: فضول الكلام ومجالسة الجهال وأكل الشبهة وكثرة الضحك.

>>>>>> يتبع >>>>>>


الهوامش

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير