تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهو أن تستحكم اعتقادك بالله تعالى فيما وعد، يعني تعتقد أن ما قدر لك سيصل إليك لا محالة وإن اجتهد كل من في العالم على صرفه عنك، وما لم يكتب لك لن يصل إليك، وإن ساعدك جميع العالم.

- وسألتني عن الإخلاص؟

وهو أن تكون أعمالك كلها لله تعالى، ولا يرتاح قلبك بمحامد الناس، ولا تبالي بمذمتهم.

واعلم أن الرياء يتولد من تعظيم الخلق.

وعلاجه أن تراهم مسخرين تحت القدرة، وتحسبهم كالجمادات في عدم قدرة إيصال الراحة والمشقة لتخلص من مراياتهم. ومتى تحسبهم ذوي قدرة وإرادة لن يبعد عنك الرياء.

• أيها الولد .. !!

والباقي من مسائلك بعضها مسطور في مصنفاتي، فاطلبه ثمّة: وكتابة بعضها حرام، اعمل أنت بما تعلم، لينكشف لك ما لم تعلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من عمل بما علم ورثه الله علم ما لم يعلم" قال العراقي في تخريج أحاديث الإحياء 1\ 71: أخرجه أبو نعيم في الحلية من حديث أنس وضعفه.

• أيها الولد .. !!

بعد اليوم لا تسألني ما أشكل عليك إلا بلسان الجنان، قال تعالى: {ولوأنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم}

واقبل نصيحة الخضر عليه السلام حين قال: {فلا تسئلني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا}

ولا تستعجل حتى تبلغ أوانه يكشف لك وتره: {سأوريكم آياتي فلا تستعجلون}.

فلا تسألني قبل الوقت وتيقن أنك لا تصل إلا بالسير لقوله تعالى: {أولم يسيروا في الأرض فينظروا}.

• أيها الولد .. !!

بالله إن تسر تر العجائب في كل منزل، وابذل روحك، فإن رأس هذا الأمر بذل الروح، كما قال ذو النون المصري رحمه الله تعالى لأحد من تلامذته: إن قدرت على بذل الروح فتعال، وإلا فلا تسشتغل بالترهات الصوفية.

• أيها الولد .. !!

إني أنصحك بثمانية أشياء، اقبلها مني لئلا يكون علمك خصمك يوم القيامة، تعمل منها أربعة، وتدع منها أربعة:

أما اللواتي تدع:

فأحدها: ألا تناظر أحدا في مسألة ما استطعت لأن فيها آفات كثيرة، فإثمها أكبر من نفعها، إذ هي منبع كل خلق ذميم كالرياء والحسد والكبر والحقد والعداوة والمباهاة وغيرها.

نعم لو وقع مسألة بينك وبين شخص أو أقوام، وكانت إرادتك فيها أن تظهر الحق ولا يضيع، جاز البحث، لكن لتلك الإرادة علامتان:

إحداهما: ألا تفرّق بين أن ينكشف الحق على لسانك أو على لسان غيرك.

والثانية: أن يكون البحث في الخلاء أحبّ إليك من أن يكون في الملأ.

واسمع أني أذكر ههنا فائدة، واعلم أن السؤال عن المشكلات عرض مرض القلب الى الطبيب، والجواب له سعي لإصلاح مرضه.

واعلم أن الجاهليين: المرضى قلوبهم، والعلماء: الأطباء.

والعالم الناقص لا يحسن المعالجة، والعالم الكامل لا يعالج كل مريض، بل يعالج من يرجو فيه قبول المعالجة والصلاح، فإذا كانت العلة مزمنة أو عقيما لا تقبل العلاج، فحذاقة الطبيب فيه أن يقول: هذا لا يقبل العلاج، فلا تشغل فيه بمداواته لأن فيه تضييع العمر.

ثم اعلم أن مرض الجهل على أربعة أنواع: أحدها يقبل العلاج، والباقي لا يقبل.

- أما الذي لا يقبل:

فأحدهما: من كان سؤاله واعتراضه عن حسد وبغض، فكلما تجيبه بأحسن الجواب وأفصحه، فلا يزيد له ذلك إلا بغضا عداوة وحسدا، فالطريق ألا تشتغل بجوابه، فقد قيل:

كل العداوة قد ترجى أزالتها ** إلا عداوة من عاداك عن حسد

فينبغي أن تعرض عنه، وتتركه مع مرضه؛ قال الله تعالى: {فأعرض عن من تولى عن ذكرنا ولم يرد إلا الحياة الدنيا}.

والحسود بكل ما يقول ويفعل يوقد النار في زرع علمه:" الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب". قال عراقي في تخريج آحاديث الإحياء 1\ 45: أخرجه أبو داود من حديث أبي هريرة. وقال البخاري: لا يصح، وهو عند ابن ماجه من حديث أنس بإسناد ضعيف، وفي تاريخ بغداد بإسناد حسن.

والثاني: أن تكون علته من الحماقة، وهو أيضا لا يقبل العلاج كما قال عيسى عليه السلام: إني ما عجزت عن إحياء الموتى، وقد عجزت عن معالجة الأحمق.

وذلك رجل يشتغل بطلب العلم زمنا قليلا ويتعلم شيئا قليلا من علوم العقل والشرع، فيسأل، ويعترض من حماقته على العالم الكبير، الذي أمضى عمره في العلوم: العقلي والشرعي، وهذا الأحمق لا يعلم، ويظن أن ما أشكل عليه هو أيضا مشكل للعالم الكبير، فإذا لم يعلم هذا القدر يكون سؤاله من الحماقة، فينبغي ألا يشتغل بجوابه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير