تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والرابع مما تدع: ألا تقبل شيئا من عطاء الأمراء وهداياهم وإن علمت أنها من الحلال، لأن الطمع منهم يفسد الدسن، لأنه يتولد من المداهنة، ومراعاة جانبهم والموافقة في ظلمهم، وهذا كله فساد في الدين، وأقلّ مضرّته أنك إذا قبلت عطاياهم، وانتفعت من دنياهم أحببتهم، ومن أحبّ أحدا يحب طول عمره، وبقاءه بالضرورة، وفي محبة بقاء الظالم إرادة في الظلم على عباد الله تعالى، وإرادة خراب العالم، فأي شيء يكون أضر من هذا على الدين والعاقبة.

وإياك وإياك أن تخدع باستهواء الشياطين أو قول بعض الناس لك: بأن الأفضل والأولى أن تأخذ منهم الدينار والدهم، وتفرّقها بين الفقراء والمساكين؛ فإنهم ينفقون على الفسق والمعصية، وإنفاقك على ضعفاء الناس خير من إنفاقهم؛ فإن اللعين قد قطع أعناق كثير من الناس بهذه الوسوسة وآفته كثيرة، ذكرناها في إحياء العلوم فاطلبه منها.

وأما الأربعة التي ينبغي لك أن تفعلها:

الأول: أن تجعل معامتك مع الله تعالى، بحيث لو عامل بها عبدك معك ترضى بها منه، ولا يضيق خاطرك عليه ولا تغضب، والذي لا ترضى به لنفسك من عبدك المجازيّ فلا ترضى أيضا لله تعالى وهو سيدك الحقيقي.

والثاني: كلما عملت بالناس اجعله كما ترضى لنفسك منهم؛ لأنه لا يكمل إيمان عبد حتى يحبّ لسائر الناس ما يحبّ لنفسه.

والثالث: إذا قرأت العلم أو طالعته، ينبغي أن يكون علمك علما يصلح قلبك ويزكي نفسك، كما لو علمت أن عمرك ما يبقى غير أسبوع، فبالضرورة لا تشتغل فيها بعلم الفقه والخلاف والأصول والكلام وأمثالها؛ لأنك تعلم أن هذه العلوم لا تغنيك، بل تشتغل بمراقبة القلب، ومعرفة صفات النفس، والإعراض عن علائق الدنيا، وتزكي نفسك عن الأخلاق الذميمة وتشتغل بمحبة الله تعالى وعبادته، والاتصاف بالأوصاف الحسنة، ولا يمر على عبد يوم وليلة إلا ويمكن أن يكون موته فيه.

• أيها الولد .. !!

اسمع مني كلاما آخر، وتفكر فيه حتى تجد فيه خلاصا: لو أنّك أخبرت أن السلطان بعد أسبوع يجيئك زائرا. أعلم أنك في تلك المدة لا تشتغل إلا بإصلاح ما علمت أن نظر السلطان سيقع عليه من الثياب وابدن، والدّار والفرش وغيرها.

والآن تفكر إلى ما أشرت به فإنك فهم، والكلام الفرد يكفي الكيّس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الله لا ينظر الى صوركم ولا إلى أعمالكم ولكن ينظر الى قلوبكم ونياتكم" رواه مسلم.

وإن أردت علم أحوال القلب فانظر الى الإحياء وغيره من مصنفاتي وهذا العلم فرض عين، وغيره فرض كفاية إلا بمقدار ما يؤدي به الى فرائض الله تعالى، وهو يوفقك حتى تحصّله.

والرابع: ألا تجمع من الدنيا أكثر من كفاية سنة، كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدّ ذلك لبعض حجراته، وقال:" اللهم اجعل قوت آل محمد كفافا" رواه مسلم، ولم يكن يعدّ بعد ذلك لكل حجراته بل كان يعدّه لمن علم أن في قلبها ضعفا، وأما من كانت صاحبة يقين فما كان يعدّ لها أكثر من قوت يوم ونصف.

• أيها الولد .. !!

إني كتبت في هذا الفصل ملتمساتك، فينبغي لك أن تعمل بها ولا تنساني فيه أن تذكرني في صالح دعائك.

وأما الدعاء الذي سألت مني فاطلبه من دعوات الصحاح، واقرأ هذا الدعاء في أوقاتك، خصوصا في أعقاب صلوتك:

اللهم إني أسألك من التعمة تمامها، ومن العصمة دوامها، ومن الرحمة شمولها، ومن العافية حصولها، ومن العيش أرغده، ومن العمر أسعده ومن الإحسان أتمه، ومن الإنعام أعمّه، ومن الفضل أعذبه، ومن اللطف أقربه.

اللهم كن لنا ولا تكن علينا، اللهم اختم بالسعادة آجالنا، وحقق بالزيادة آمالنا، واقرن بالعافية غدوّنا وآصالنا، واجعل الى رحمتك مصيرنا ومآلنا، واصبب سجال عفوك على ذنوبنا، ومنّ علينا بإصلاح عيوبنا، واجعل التقوى زادنا، وفي دينك اجتهادنا، وعليك توكلنا واعتمادنا.

اللهم ثبتنا على نهج الاستقامة، وأعذنا في الدنيا من موجبات الندامة يوم القيامة، وخفف عنا ثقل الأوزار، وارزقنا عيشة الأبرار، واكفنا واصرف عنا شرّ الأشرار، واتق رقابنا، ورقاب آبائنا، وأمّهاتنا ومشايخنا من النار، برحمتك يا عزيز يا غفار، يا كريم يا ستّار، يا حليم يا جبّار يا الله .. يا الله .. يا الله .. يا الله .. يا رحيم، يا رحيم، يا أرحم الراحمين ويا أول الأولين، ويا آخر الآخرين، ويا ذا القوة المتين، ويا راحم المساكين، ويا أرحم الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.

انتهى والحمد لله

بيروت 29 أيار 2003

28 ربيع الأول

ـ[خالد الشبل]ــــــــ[06 - 11 - 07, 09:27 ص]ـ

بارك الله فيكم.

ـ[أبو خالد المطرودي]ــــــــ[07 - 11 - 07, 06:02 ص]ـ

أسال الله ألا يحرمكم الأجر جميعا

فكم أنا بحاجة إليه

حيث لدي دورة تربوية في هذا الكتاب وقد شرحته وعلقت عليه قبل سنوات

ومن حقكم علي بعد هذه الخدمة أن أخصكم به بعد فراغي منه

تقبلوا تحياتي

ابو خالد

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير