[الجسد الواحد ... (عن وحدة الأمة الإسلامية)]
ـ[أبوحاتم]ــــــــ[26 - 11 - 07, 11:41 م]ـ
الجسد الواحد
بقلم/ محمد بن حسين الأنصاري
1/ 9/1428هـ
المقدمة:
اللهم أعنا وسددنا .. وألهمنا رشدنا .. واشرح صدورنا .. وثبت قلوبنا .. اللهم آمين. وبعد:
فإنه لا يمكن لأي أمة تعيش في هذا الزمن أن تبقى منعزلة عن الحياة السياسية أو الاجتماعية العامة؛ وإلا تعرضت للنقص في بعض مصالحها، لأن هناك من المصالح ما لا يمكن الوصول إليه إلا بالاستعانة من الغير، بل قد تتعرض هذه الأمة القاصية أحيانًا للتهديد من الجار القريب قبل البعيد "إنما يأكل الذئب من الغنم القاصية" فالوحدة ضرورة واقعًا؛ لإبقاء الكيان الذاتي للأمة، ولارتباط كثير من مصالح الأمصار بعضها ببعض، والاجتماع مطلب شرعي؛ لدرء التنازع والفشل في الأمة.
كما أن الوحدة والاجتماع قوّة وانتصار؛ لأن الاتحاد مصدر للقوّة وإن كان على باطل، كيف وهذه الأمة أمة الشهادة وأمة النصر والتمكين.
يقول معن بن زائدة ():
كونوا جميعاً يا بني إذا اعترى ... خطب ولا تتفرقوا أجنادا
تأبى القداح إذا جمعن تكسرا ... وإذا افترقن تكسرت أفرادا
وهي كذلك انتصار؛ لأنه الثمرة الأكيدة للوحدة، فالاتحاد انتصار على الأعداء، وانتصار على البغاة الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون.
يقول عدي بن زيد العبادي ():
وفي كثرة الأيدي عن الظلم زاجر ... إذا حضرت أيدي الرجال بمشهد
ومن لم يكن ذا ناصر عند حقه ... يغلب عليه ذو النصير ويضهد
وقال تعالى في تأكيد هذا المعنى وبيان ثمرته: {إنَّ اللَّه يحب الذين يقاتلون في سبيله صفّاً كأنهم بنيانٌ مرصوص} [الصف: 4].
وقال في بيان صفة اليهود في تشتت قلوبهم، وهو كناية عن تفرّقهم في الأهواء: {لا يقاتلونكم جميعاً إلاَّ في قرىً محصَّنة أو من وراء جُدُر بأسهم بينهم شديد تحسبهم جميعاً وقلوبهم شتّى ذلك بأنهم قومٌ لا يعقلون} [الحشر:14].
فإذا اتحدت الأمة قويت وانتصرت وهابها الأعداء، وإذا تفرقت ضعفت وتبعثرت جهودها، وذهبت ريحها وأصبحت غنيمة سهلة لكل مفترس أكول.
والأمة الإسلامية اليوم بأجمعها مطالبة بالوحدة أكثر من أي زمن مضى؛ لأن العدو مُكشِّر عن أنيابه لمهاجمة المسلمين واستباحة بلدانهم، وتصدير ثرواتهم، والعبث في ممتلكاتهم؛ فلا بد لها من الوحدة أمام هذه الهجمة الشرسة، كما أن لزاما على أبناء البلد الواحد (كأبناء العراق وفلسطين) الاجتماع والوحدة لمجابهة الغزو ورد عدوانه.
وفي ظني أننا في هذا الوقت بخاصة في حاجة ماسة إلى غرس الوحدة وبنائها والاجتماع فكرًا في العقلية الإسلامية قبل أي مشروع بَنَّاء للأمة، لنهيئ هذا العقل لضرورة الاجتماع وتجسيده في الواقع؛ لأن المسلمين وإن كان دينهم دين الوحدة والاجتماع إلا أنهم في الواقع ليسوا كذلك؛ نتيجةً للتوجه الفكري أحيانًا، أو اعتبار الجنس واللون، أو طبيعة التربية الأحادية التي لا تراعي شيئا سوى الذات وتُهمِّش ما لدى الآخرين وإن كان مع المصلحة العامة.
لا بد لنا (نحن المسلمين) أن نتخلى عن العقلية التي تبحث عن الأخطاء والفوارق قبل مواطن الاتفاق ومكامن الصواب؛ وإلا كان النداء بالوحدة هدرًا واجترارًا للكلام لا غير.
الوحدة الإسلامية ليست شعارًا فقط؛ "علينا أن نؤمن بها ونعمل جادين للسعي إليها، وندخلها في مناهجنا الدراسية، فينشأ عليها الصغير؛ فيشب ودمه يضخ وحدة واتحادا، ويجب أن تختفي من مناهجنا القومية والجنسية والمذهبية، فهذه نصال تقطع أوردة الوحدة أو قل حواجز تمنع التئام الصفوف المسلمة".
وفيما يلي نطرح ثلاثة عناصر للوحدة الإسلامية مع شيء من البيان:
الأول: أهمية الوحدة والاجتماع.
الثاني: أسس الوحدة ومنطلقاتها.
الثالث: معوقات الوحدة.
ثم الخاتمة، ومن الله الواحد الأحد أستمد العون والسداد في اليسر والعسر.