وذلك مثل ما حدثناه عبد الرحمن بن عثمان بن عفان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن زهير، قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا سلام بن مسكين، قال: حدثنا قتادة، عن رجلٍ، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم /11أ/: " أن سورة من القرآن ثلاثين آية شفعت لرجل حتى أدخلته الجنة ".
لم يسم الرجلَ سلامُ عن قتادة، وسماه شعبة عنه
فحدثناه ابن عفان، قال: حدثنا قاسم، قال حدثنا احمد بن خيثمة، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا يحيى بن سعيد، قال حدثنا شعبة، قال حدثني قتادة [عن عباس الجُشمي] ... الحديث فالرجل الذي لم يسمه سلام هو عباس الجُشمي، فصار الحديث مسندًا.
وهذا النوع من المنقطع في الظاهر لا يعرفه إلا الحافظ الفهم المتبحر في الصنعة الكثير للرواية
فصل
والنوع الثاني من المنقطع: هو أن يكون في الإسنادِ رواية راوٍ لم يسمع من الذي يروي عنه الحديث قبل الوصول إلى التابعي الذي هو موضع الإرسال، فلا يقال لهذا النوع من الحديث؛ مرسلٌ، إنما يقال له؛ منقطع.
ومثال ذلك: ما أخبرنا به عبد الملك بن الحسن الصقلي – في الإجازة – قال: حدثنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ، قال: حدثنا أبو النصر محمد بن يوسف الفقيه، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي، قال: حدثني محمد بن سهل، قال: حدثنا عبد الرزاق، قال: ذكر الثوري عن أبي إسحاق، عن يزيد بن يُثيع، عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن وليتموها أبا بكرٍ فقويٌ أمينٌ، لا تأخذه في الله لومة لائم، وإن وليتموها عليًا فهادٍ مهدي يقيمكم على طريق مستقيم ".
قال أبو عمرو: وهذا إسنادٌ لم يتأمله متأملٌ إلا شهد له بالاتصال والسند؛ لأن سماع عبد الرزاق من الثوري مشهورٌ، واشتهاره به معروف، وكذا ذكر سماع الثوري من أبي إسحاق واشتهاره به أيضًا /11ب/ مشهورٌ معروفٌ، وفيه انقطاع في موضعين:
وذلك أن عبد الرزاق لم يسمعه من الثوري، وإنما سمعه من النعمان بن أبي شيبة الجَنديّ عن سفيان
وسفيان لم يسمعه من أبي إسحاق، وإنما سمعه من شريك، عن أبي إسحاق.
وكذلك كل راوٍ مشهورٍ بالرواية عن إمام من الأئمة معروفٍ به، إذا ورد عنه مثل هذا مفسرًا، سبيله سبيل هذا الخبر في تسميته منقطعًا، وهذا من أدق أنواع هذا العلم إذ لا يعرفه إلا المميز الماهر الجامع لطرق الحديث. وبالله التوفيق
باب ذكر أحوال المدلسين من أصحاب الحديث وتقسيم طبقاتهم وشرح مذاهبهم
حدثنا عبد الوهاب بن أحمد بن الحسن، قال: حدثنا ابن الأعرابي، قال: حدثنا عبد الرحمن بن مرزوق البزوري قال: حدثنا أبو نعيم، قال: سمعت شعبة يقول: لأن أزني أحب إلي من أن أدلس.
أخبرنا سلمون بن داود المقرئ، قال: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الصواف، قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدثنا روح بن عبد المؤمن، قال: سمعت يزيد بن زريع، يقول: لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أدلس.
حدثنا أبو عفان، قال: حدثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة، قال: حدثنا أحمد بن محمد الصفار، قال: سمعت يزيد بن زريع، وسئل عن التدليس. فقال: التدليس كذبة.
قال أبو عمرو: والتدليس في الحديث يرد على /12أ/ ستة أضرب:
فالضرب الأول: أن يدلس الراوي عن الثقات الذين هم في الثقة مثل المحدث أو فوقه أو دونه غير أنهم لم يخرجوا من جملة من يُقبل خبره، ويحتج بنقله
فمنهم من التابعين:
أبو سفيان طلحة بن نافع، وقتادة وغيرهما
والضرب الثاني: قومٌ يدلسون الحديث عمن سمعوا منه وشاهدوه، فيقولون: قال فلان كذا، ولم يسمعوا منه، فإذا وقع إليهم مميز لما سمعوا مما لم يسمعوا أو سئلوا أو وُقفوا على سماعهم وروجعوا في ذلك ذكروا فيه سماعاتهم وكشفوا عن ذلك
أخبرني أبو محمد عبد الملك بن الحسن في الإجازة، قال: حدثنا محمد بن عبد الله الناقد، قال: أخبرني محمد بن أحمد الذهلي، قال: حدثنا إبراهيم بن محمد السكري، قال: حدثنا علي بن خشرم، قال: قال لنا ابن عيينة: الزهري. فقيل له: سمعته من الزهري؟ قال: لا، ولا ممن سمعه من الزهري، حدثني عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري.
¥