تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأوضح أن التذكر والتبصر إنما يكون من أولي الألباب، وهم أولوا العقول الصحيحة السليمة،

ثم ذكر صفاتهم العظيمة فقال: الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَلا يَنْقُضُونَ الْمِيثَاقَ هذه صفات أهل العلم والإيمان وهم الذين يوفون بعهد الله والذي عهد إليهم، يؤدون حقه ويستقيمون على دينه قولا وعملا وعقيدة ولا ينقضون الميثاق، بل يوفون بالمواثيق والعهود والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ يصلون ما أمر الله به أن يوصل من الاستقامة على أمر الله والإخلاص لله سبحانه وتعالى واتباع سنة الرسول لا بد من هذا وهذا، لابد من توحيد الله ومن اتباع الرسول ولابد من وصل هذا بهذا وذلك بتحقيق الشهادتين: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وهكذا يتبعون الإيمان بالعمل ومن ذلك بر الوالدين وصلة الرحم ويخشون ربهم الخشية التي تعينهم على طاعة الله وتعنتهم من معاصي الله، يخشونه سبحانه خشية حقيقية لا مجرد دعوى تؤثر في قلوبهم وتجعلها خاشعة لله خاضعة له معظمة لحرماته تاركة نواهيه، ممتثلة أوامره،

هكذا أهل العلم والإيمان يخشون ربهم الخشية التي تثمر المتابعة وتؤدي إلى الحق وترك الباطل وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ هذا من كمال الخشية خوفهم من سوء الحساب، ولهذا أعدوا العدة واستقاموا على الطريق خوفا من سوء الحساب يوم القيامة،

ثم ذكر سبحانه الصفتين السادسة والسابعة، فقال سبحانه وتعالى: وَالَّذِينَ صَبَرُوا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ صبروا على طاعة الله وصبروا عن محارم الله، لا تجلدا ولا عن رياء، ولكن ابتغاء وجه الله وابتغاء الزلفى لديه، هكذا أهل الإيمان وأهل العلم بالله يصبرون على الشدائد في أداء طاعة الله وفي ترك معاصي الله، وبتبليغ رسالة الله مع إقامتهم للصلاة وعدم التفريط في شيء مما أوجب الله عليهم من هذه العبادة العظيمة التي هي عمود الإسلام، وأدوها كما أمر الله،

ثم ذكر سبحانه الصفة الثامنة والتاسعة فقال: وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ والمعنى أنهم مع هذا ينفقون في مرضاته وفي الإحسان لعباده سرا وعلانية، شيء يراه الناس وشيء لا يراه الناس، يبتغون فضل الله ويبتغون رحمته وإحسانه من الزكاة، وغيرها يؤدون الزكوات، وينفقون في وجوه الخير مما أعطاهم الله سبحانه، وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ يدرءون بالحسنات السيئات لكمال صبرهم وتحملهم وكظمهم الغيظ، هكذا العلماء بالله وهكذا الصلحاء من عباده، قال الله تعالى: أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ لهم العاقبة الحميدة، فسرها سبحانه بقوله: جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ من ثوابهم على هذه الأعمال السابقة أن الله يشملهم وآبائهم وذرياتهم وأزواجهم بفضله سبحانه وتعالى ورحمته، فالاستقامة على أمر الله وأداء حقه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والثبات على الحق والصبر في ذلك ودرء السيئة بالحسنة، كل هذا من أسباب صلاح العبد وصلاح آبائه، وأزواجه وذريته واجتماعهم في دار كرامته وزيارة الملائكة لهم مسلمين عليهم ومرحبين بهم، ومن نعم الله العظيمة على العبد أن يكون سببا لهداية أبيه وأمه وزوجته وذريته، وهكذا من نعم الله العظيمة على المرأة أن تكون سببا لهداية زوجها وأبيها وأمها وأولادها، ويعلم من الآية الكريمة أن دخول الآباء والأزواج والذريات الجنة مع أقاربهم إنما هو بسبب صلاحهم لا لمجرد النسب والقرابة ولكن بسبب الصلاح والاستقامة والاجتهاد في طاعة الله التي هي أعظم واسطة في صلاح العبد وأقربائه وزوجاته وذرياته واجتماعهم في دار كرامته، وهذه الآية الكريمة تشبه قوله تعالى في سورة سبأ: وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير