تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقوله تعالى في سورة الحجرات: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ وهكذا ما جاء في معنى ذلك من الآيات الكريمات، كلها تبين أن المنازل العالية والفوز بجنات النعيم والسلامة من عذاب الله وغضبه، كل ذلك لا يحصل بمجرد الأماني والدعوة ولا بالأنساب والدعوة إنما يحصل ذلك بعد توفيق الله ورحمته بأسباب الصبر على طاعة الله والصبر عن محارمه والإقبال عليه سبحانه وتعالى والإخلاص له في العمل والضراعة إليه بطلب التوفيق والهداية مع صبرهم على الشدائد والمشاق في سبيل الحق وصبرهم على المصائب، بهذا كله حصل لهم الخير العظيم والفوز بدار النعيم، وهكذا ينبغي لأهل الإيمان وأهل العلم والهداية أن يتخلقوا بهذه الأخلاق العظيمة ويسيروا عليها حتى تكون لهم العاقبة الحميدة، وحتى تكون لهم عقبى الدار، فلا بد من صبر ولا بد من إخلاص، ولا بد من صدق، قال تعالى في سورة الإنسان: وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا وقال سبحانه في سورة المؤمنون إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ وقال في سورة الفرقان لما ذكر صفات عباد الرحمن العظيمة: أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلامًا

فهذه الخصال الحميدة التي ذكرها في قوله: وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا الآيات، حصلت لهم بصبرهم على طاعة الله، وصبرهم عن محارم الله، وصبرهم على المصائب، فلابد من العناية بهذا الأمر، وأن نعد له عدته ولابد أن يعلم طالب العلم أنه لا بد من الصبر وأن الأعمال العظيمة والخير الكثير، لا يحصل بمجرد الدعوى والرغبة والتصنيف من دون عمل وصبر،

اسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته أن يوفقنا وسائر المسلمين للعلم النافع والعمل الصالح وأن يرزقنا جميعا التخلق بأخلاق أهل العلم والإيمان، أخلاق الرسل وأتباعهم بإحسان، وأن يزيدنا وجميع المسلمين من العلم النافع والعمل الصالح والبصيرة النافذة، وأن يعيننا جميعا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، كما نسأله سبحانه أن يوفق القائمين على أمور المسلمين في كل مكان لكل ما فيه رضاه وصلاح العباد وأن يصلح قادة المسلمين ويعينهم على طاعة الله ورسوله، وأن يوفقهم لتحكيم شريعته والالتزام بها والتحاكم إليها، والحذر مما يخالفها، كما أسأله عز وجل أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يعينهم على ذكره وشكره وحسن عبادته، وأن يعيذنا وسائر المسلمين من كل ما يخالف شرعه إنه جل وعلا ولي ذلك والقادر عليه. . وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين.

محاضرة ألقاها سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله في جامعة أم القرى بمكة المكرمة في شهر رجب عام 1409هـ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير