[في رحاب السيرة: عبر وعظات]
ـ[الطيماوي]ــــــــ[17 - 02 - 08, 01:34 م]ـ
ليس هذا الكتاب من تأليفي بل هو جمع واعداد لما كنت قرأته في كتب السيرة ووقفت عليه فيها من عبر وعظات، وهو ما أدرسه لطلابي في الجامعة، والكتابة فيه ما زالت مستمرة لكن هذا ما بين يدي منه لعل الله ينفع به غيرنا ويكتب لنا به الأجر.
ـ[الطيماوي]ــــــــ[17 - 02 - 08, 01:43 م]ـ
مقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الأمين،اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا وزدنا اللهم علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.
هل نحن بحاجة إلى تعلم سيرة سيد الخلق؟
[وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ]
فإذا كان قلب سيد الأنبياء يزداد ثبوتاً بسماع قصة نبي دونه، فأحرى أن تزداد قلوبنا إيماناً ويقيناً بسماع قصة سيد الأنبياء.
[أَمْ لَمْ يَعْرِفُوا رَسُولَهُمْ فَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ]
الإسلام بمجمله كلمتان؛ كلمة التوحيد وكلمة الرسالة، لا إله إلا الله، محمد رسول الله، إذاً الحديث عن رسول الله شطر الدين، بل هو جزء لا يتجزأ من الدعوة إلى الله، ذلك لأن في الحياة مثالية حالمة لا أحد يعبأ بها، وفي الحياة واقعية مقيتة لا أحد يلتف إليها، ولكن الناس يشدهون بمثالية واقعية أو بواقعية مثالية، هذا ما نجده في سيرة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
[لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَاليَوْمَ الآَخِرَ]
كيف يكون النبي e أسوة لنا، أي قدوة لنا، إن لم نعرف ماذا فعل في بيته؟ وكيف عامل زوجته، وكيف عامل أصحابه؟ وكيف كان في السلم؟ وكيف كان في الحرب؟ إذاً معرفة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فرض عين فما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، ولن يكون قدوة لنا إلا إذا عرفنا دقائق حياته.
((اِسْتَقِيمُوا يُسْتَقَمْ بِكُمْ)).
نحن بحاجة إلى مسلم قدوة، كيف أن النبي e كان قرآناً يمشي؟ نحن بحاجة إلى مسلم يمشي، إذا حدثك فهو صادق، وإذا عاملك فهو أمين، وإذا استثيرت شهوته فهو عفيف. الكلام النظري ضَعُفَ تأثيره، لماذا؟ لأن الناس كفروا بالكلمة، لماذا كفر الناس بالكلمة؟ لأن كل الممارسات التي يمارسها الناس تتناقض مع كلامهم، تأتي إلى بلد، وتتفنن في إيقاع الأذى، وقتل الأبرياء، وهدم البيوت، وتقول: أنا جئت من أجل الحرية، من أجل أن تنعموا بالحرية، هذا الكلام مع هذه الممارسات يحمل الناس على أن يكفروا بالكلمة كفرًا كاملاً، نحن الآن في مشكلة، الناس كفروا بالكلمة، ولا يمكن أن تستعيد الكلمة قدسيتها إلا بالتطبيق، الأنبياء بماذا جاؤوا؟ هل جاؤوا بالصواريخ؟ بالطائرات؟ بحاملات الطائرات؟ بالغواصات؟ بالأقمار الصناعية؟ بالكمبيوتر؟ جاؤوا بالكلمة؛ الكلمة الطيبة تفعل فعل السحر في الناس، لكن الناس اليوم كفروا بالكلمة، لأن كل الذي يقال معه ممارسات تتناقض معه، مجلس يأمر بلدًا بعيدًا أن يطبق الديمقراطية، جيد، لكنه هو يمارس القهر والقمع عن طريق حق الفيتو، أو حق النقض، المجلس قمعي، وأمره ديمقراطي، كلام مضحك، لذلك كفر الناس بالكلمة، لا يمكن أن نعيد للكلمة مكانتها إلا بالتطبيق، لذلك قال عليه الصلاة والسلام: ((اِسْتَقِيمُوا يُسْتَقَمْ بِكُمْ)).
كنا في الحج مرة، ورأينا رجلا تبدو على ملامحه أنه غربي؛ هو في الحقيقة من ألمانية الغربية، علمت بعد حين أن سبب إسلامه هو أن طالباً من سورية أقام في بيته، واستأجر غرفة، ولهذا الرجل فتاة جميلة، لم يستطع أن يضبط هذا الشاب مرة ينظر إليها، كلما وقعت عينه عليها غض بصره، هذا شيء ما استوعبه، ما هذا الإنسان؟ فحاوره، انتهى الحوار بإسلام هذا الرجل.
¥