تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الطيماوي]ــــــــ[17 - 02 - 08, 01:59 م]ـ

ثانيا: حلف المطيبين ويسمى حلف الفضول:

4. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "شهدت حلف المطيبين مع عمومتي أنا غلام فما أحب أن لي حمر النعم وأني أنكثه"وأصل الحلف المعاهدة على التعاضد والتساعد والاتفاق فما كان منه في الجاهلية على الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد النهي عنه في الإسلام، بقوله:" لا حلف في الإسلام" وما كان في الجاهلية على نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جرى مجراه فذلك الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم " وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة".

7. وسبب حلف المطيبين أن قبائل من قريش ـ بنو هاشم، وبنو المطلب، وأسد بن عبد العزى، وزهرة بن كلاب، وتيم بن مرة ـ تداعت إلى حلف فاجتمعوا في دار عبد الله بن جُدعان فتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها وغيرهم ممن دخلها من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته فسمت قريش ذلك حلف الفضول، وسمي أيضاً: حلف المطيبين لأنهم جعلوا طيباً في جفنة وغمسوا أيديهم فيه وتحالفوا على التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم فسموا المطيبين.

8. كان النبي صلى الله عليه وسلم يتطلع لرفع الظلم عن أصحابه فما أن علم أن في الحبشة ملكاً عادلاً حتى أمر أصحابه أن يهاجروا إليها، فهل يكون هذا الفعل مشعراً بجواز التحالفات في العصر الحاضر، حتى مع من هو مخالف في الدين والعقيدة، إذا كان أميناً على الإسلام وأهله، ولا يكاد يخلوا الزمان.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

العبر والعظات:

1. حلف الفضول أكرم حلف سمع به وأشرفه في العرب، روى ابن إسحاق ـ بسند جيد ـ أنه كان بين الحسين بن علي بن أبي طالب وبين الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ـ والوليد يومئذ أمير المدينة أمره عمه معاوية بن أبي سفيان ـ منازعة في مال كان بينهما فكأن الوليد تحامل على الحسين في حقه لسلطانه فقال له الحسين: أحلف بالله لتنصفنني من حقي أو لأخذن سيفي ثم لأقومن في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لأدعون بحلف الفضول. قال: فقال عبد الله بن الزبير ـ وهو عند الوليد حين قال له الحسين ما قال ـ: وأنا أحلف بالله لئن دعا به لآخذن سيفي ثم لأقومن معه حتى ينصف من حقه أو نموت جميعاً. قال: وبلغت المسور بن مخرمة بن نوفل الزهري، فقال مثل ذلك. وبلغت عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التيمي، فقال مثل ذلك. فلما بلغ ذلك الوليد بن عتبة أنصف الحسين من حقه حتى رضي.

إن الفضول تعاقدوا وتحالفوا ألا يقيم ببطن مكة ظالم

أمر عليه تعاقدوا وتواثقوا فالجار والمعتر فيهم سالم

2. إن العدل قيمة مطلقة وليست نسبية وأن الرسول صلى الله عليه وسلم يظهر اعتزازه بالمشاركة في تعزيز مبدأ العدل قبل بعثته بعقدين، فالقيم الإيجابية تستحق الإشادة بها حتى لو صدرت من أهل الجاهلية.

3. كان حلف الفضول واحة في ظلام الجاهلية وفيه دلالة بينة على أن شيوع الفساد في نظام أو مجتمع لا يعني خلوه من أي فضيلة وفي هذا درس عظيم للدعاة في مجتمعاتهم التي لا تحكم الإسلام أو تحاربه بأن لا يقفوا مكتوفي الأيدي ينتظرون التصفية والإبادة لا بد أن يتحركوا تحت أي ستار يصلون من خلاله إلى حمايتهم وحماية دعوتهم وإذا كانت القوانين السائدة والأعراف الحاكمة تهيئ لهم هذه الحماية، وتمنع عنهم هذه التصفية فحري بهم أن يستفيدوا منها، ويدافعوا المجتمع إلى التحرك من خلالها لحماية الدعوة ونصر المستضعفين.

4. إن الظلم مرفوض بأي صورة، ولا يشترط الوقوف ضد الظالمين فقط عندما ينالون من الدعاة إلى الله، بل مواجهة الظالمين قائمة، ولو وقع الظلم على أقل الناس وأبعدهم عن الدعوة لأن منع الظلم في كل أشكاله هو الذي يحول دون وصوله إليهم ونحرهم بمديته، ويبقى هذا المبدأ العظيم الخالد هو الذي يحكم الدعاة في كل عصر " ما أحب أن لي به حمر النعم، ولو دعيت به في الإسلام لأجبت".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير