مايهمُّنا من الأسرة ذلك الرجل الذي حفظ كتاب الله ,وحرص على تعليمه لابنه فلم يكتف بإرساله لكتَّاب القرية لحفظ القرآن ,ومباديء الحساب والقراءة.بل تعهده بختمة حفظٍ أخرى. هذا الرجل الذي كان متاثراً بالإمام أبو حامد الغزالي [23] ونزعته الصوفية حتى رآه في المنام وأخبره الإمام أنه سيتزوج ,وينجب ولداً وأوصاه أن يسميه علىاسمه وهو ماكان [24].
أثر الأسرة في تكوين شخصية الشيخ الإصلاحية:
لاشك أن هذا الرجل بهذا الإهتمام وهذه الرعاية التي أولاهما لابنه؛كان له أكبر الأثرفي تكوين شخصية الشيخ العلمية المتفتحة السابقة لأقرانها في الفهم ,ولاشك أن من عرف الصواب ,ورأى الفساد وجب عليه الإصلاح ,وهو مافعله الشيخ. وكذلك تأثَّر الشيخ بتلك النزعة الصوفية التي عند والده. يقول الأستاذ /محمد المجذوب:"ولعلي لاأذيع سراً إذا قلت أن محبي الشيخ يحسُّون استغراقه في تلك الخاصة (البكاء تأثُّراً عند ذكر الله عزوجل أو رسوله r) ولاسيما حين ينطلق على سجيته في كلام عن الله جل وعلا أو عن رسوله r حتى ليفضحه الدمع فلا يستطيع له ردا [25] ً"
ثانياً /القرية:
وفي الحديث عن القرية يهمُّنا الحديث عنها من الناحية الدينية العلمية.وقد رأينا أن والد الشيخ على الرغم من أنه كان تاجراً إلا أنه كان يحفظ القرآن؛وهذا يدل على وجود الاهتمام بحفظ القرآن في هذه القرية ,كما أن هذا الإقليم قد سبق له أن أنجب العديد من كبار العلماء الذين خلفوا شهرة واسعة في مصر والعالم الإسلامي ,منهم الشاعرالمجدد/محمود سامي البارودي ,ومنشيء كبرى الحركات الإسلامية في العصر الحديث الإمام الشهيد/ حسن البنا ,وقد قدم هذا الإقليم كذلك ثلاثة من مشايخ الأزهر الشريف هم:الشيخ /سليم البشري [26] , والشيخ/ إبراهيم حمروش [27] , والشيخ /محمود شلتوت [28] ممايعني ارتفاع مستوى التعليم الديني في هذا الإقليم.
أثر القرية في تكوين شخصية الشيخ الإصلاحية:
قرية بهذه المواصفات من: تنافس في علم الدين, وإقليم بهذه المواصفات خرَّج هؤلاء العلماء الذين قادوا أكبر مؤسسة للتعليم الديني في ذلك الوقت لاشك أن مستوى الاهتمام بالتعليم الديني فيه مرتفع؛وهذا لاشك له أكبر الأثر في تكوين شخصية من يتربى في تلك المنطقة , وهو ماحدث مع الشيخ الغزالي حيث خرج من قريته مسلَّحاً بالعلم المناسب لسنِّه واضعاً في ذهنه هؤلاء العماليق الذين خرجوا قبل ذلك وانتشراسمهم. وهذا من العوامل التي ساعدت أيضاً على تكوين الشخصية العلمية والتي هي من ألزم الشروط للمصلح.
ثالثاً /الأزهر الشريف:
جامعة إسلامية عريقة ساعدت على نشرالعلوم الدينية في العالم , وكان لها أكبر الأثر في الحفاظ على اللغة العربية على مدى قرون ,وضع أساسه جوهر الصقلي بأمر من المعز لدين الله الفاطمي في 14 رمضان سنة 359هـ/971م وأقيمت أول صلاة فيه سنة 973م بدا كغيره من المساجد لإقامة الشعائر الدينية ثم لم يلبث أن أصبح جامعة يتلقى فيها طلاب العلم مختلف العلوم والفنون [29].
أثر الدراسة في الأزهر على تكوين شخصية الشيخ الإصلاحية:
هذه المؤسسة التي نشرت علم الدين وكان علماؤها هم قادة الشعب في الثورات ,والمدافعون عنهم ضد ظلم الحكام؛فكانوا لايخافون في الله لومة لائم.لاشك أن تعليمه على يد هؤلاء كفيلٌ أن يجعله يحسُّ بآلام أمته ,ومواضع الضعف فيها؛وهذه هي بداية الطريق إلى الإصلاح.
رابعاً /الإخوان المسلمين:
حركة إسلامية سياسية أُسِّست سنة [30] 1929م على يد الإمام الشهيد /حسن البنا ,والذي استشهد سنة 1949م , كتبَ أسس منهجه في كتاب شمل كل منهجه. يقول الأستاذ سعيد حوّى:"أراد الأستاذ البنا أن تكون مذكراته سجلاً للدعوة وصاحبها حتى سنة 1940وفي هذا الكتاب [31] يروي الأستاذ بكل عفوية ,الخطوات الكبرى والصغرى على طريق التأسيس بكل وضوح ,ولا يستطيع الإنسان أن يأخذ صورة كاملة عن جماعة الإخوان المسلمين إلاباطلاعه على هذا الكتاب وخاصة الجزء الثاني منه [32] ", وكانت دعوة إصلاحية شاملة لجميع نواحي الحياة الدينية منها والسياسية والإقتصادية وغيرها من نواحي الحياة ومن أشهر علماءها قديماً:الشيخ الشهيد /سيد قطب [33] ,وفي العصر الحديث:الدكتور /يوسف القرضاوي. وكان من أهم مبادئهم الجهاد ولذلك اشتركوا في بعض الحروب مثل حرب فلسطين [34] خارج مصر وحرب السويس [35]
¥