تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الجواب: هذا السؤال يتضمن ثلاثة أمور:

أولا: رقص المرأة أمام زوجها.

ثانيا: رقصها مع بنات جنسها.

ثالثا: ودبكة الرجال.

أما الأمر الأول وهو رقص المرأة أمام زوجها، إن كان رقصا فطريا ليس مهنيا،- أي أنها لم تتعلم الرقص، كما هو موضة العصر- ولو حرك شهوة الرجل، فهذا لا يوجد نص بتحريمه، شريطة أن يكون ذلك بينها وبينه فقط.

أما إذا كانت امتهنت هذا الرقص وتتعاطى أصول الرقص العصري، فهذا لا يجوز، لأنني أعتقد أنها حينما تفعل ذلك أمام زوجها فإنها ستفعله-أيضا- أمام غير زوجها.

أما رقصها أمام النساء وأيضا أقول: إن كان المقصود بالرقص ه هذا الرقص العصري فواضح جدا أنه لا يجوز.

فإن قيل: ما هو الدليل على ما قلت؟ فأقول.

إن الاعتدال في الأمور نادر جدا، إما إفراط و إما تفريط، وبخاصة إذا عاش الناس زمنا طويلا في انحراف من نوع معين، فإذا ما تبينوا أن هذا الأمر فيه انحراف والشرع يأباه: أعرضوا عنه فيحدث عن ذلك ردة فعل شديدة وهذا ما قد أصابنا في العصر الحاضر فيما يتعلق بموضوع المطالبة بالدليل في موضوع الخلاص من التقليد، فقد عاش المسلمون-خاصة وعامة-قرونا طويلة وهم لا يعرفون إلا المذهب الفلاني والمذهب الفلاني، أربعة مذاهب، مذاهب أهل السنة والجماعة، فضلا عن المذاهب الاخرى المنحرفة عن السنة والجماعةـ أما الاعتماد على ما قال الله ورسوله، فهذا كان موجودا في القرون المشهودة لها بالخيرية، ثم انتهى الأمر-حينا من الدهر- حتى جاء زمن ابن تيمية رحمه الله وتلامذته المخلصين له، فنبهوا المسلمين الى وجوب العودة الى ما كان عليه السلف الأول من الاعتماد على الكتاب والسنة.

ولا شك ولا ريب أن دعوة ابن تيمية وتلامذته كان لها أثر طيب، ولكن كانت دائرته ضعيفة جدا في عصره، وغلب الجمود الفكري على خاصة الناس فضلا عن عامتهم ثم تلته قرون مات هذا الإيقاظ الذي أيقظه شيخ الإسلام ابن تيمية، وعاد المسلمون الى جمودهم الفقهي، إلا في هذا العصر- وقبله بقليل -؛ فقد قام كثير من العلماء النابهين بتجديد الدعوة لضرورة الرجوع الى الكتاب والسنة، وقد كان سبقهم الى شئ من ذلك الشيخ محمد بن عبد الوهاب؛ لأنه في الواقع دعا الى إتباع الكتاب والسنة ولكن نظرا للمناطق التي كان يعيش فيها العرب النجديين في بلد الشيخ محمد والوثنية التي كانت حلت في ديارهم –حينذاك- كان جهده الجهيد هو الاهتمام بالتوحيد.

وكأمر طبيعي جدا-فيما أرى- حيث أن طاقة الانسان محدودة-فهو لا يستطيع أن يحارب في كل جبهة كما يقولون، ولذلك كانت جهوده كلها منصبة على نشر دعوة التوحيد ومحاربة الشركيات والوثنيات، وكان موفقا في ذلك كل التوفيق، ووصلت دعوته الطيبة الى العالم الإسلامي فيما بعد، ولو أنه جرى بينه وبين خصومه حروب مع الأسف الشديد، هذه سنة الله في خلقه، ولن تجد لسنة الله تبديلا.

لكن في العصرالحاضر قام بعض العلماء بتجديد دعوة الكتاب والسنة، واستيقظ كثير من الخاصة والعامة في البلاد العربية، أما البلاد الأعجمية فلا يزالون في سباتهم مع الأسف الشديد.

إلا أن هذه البلاد العربية أصيبت بنكسة-وهي ما أشرت إليه أنفا- حيث إن بعضهم ما وقف عند الوسط، بل عرفوا شيئا وجهلوا شيئا، فترى الرجل العامي الذي لا يفهم شيئا إذا سأل العالم عن مسألة ما وما حكمها؟ سواء أكان الجواب نفيا أو منعا بادر بمطالبته: ما الدليل؟

وليس بإمكان ذلك العالم –أحيانا-إقامة الدليل، خاصة إذا كان الدليل مستنبطا ومقتبسا اقتباسا، وليس منصوصا عليه في الكتاب والسنة حتى تورد الدليل؛ ففي مثل هذه المسألة لا ينبغي على السائل أن يتعمق ويقول: ما الدليل؟ ويجب أن يعرف نفسه: هل هو من أهل الدليل أم لا؟ هل عنده مشاركة في معرفة العام والخاص، المطلق والمقيد والناسخ والمنسوخ، وهو لا يفقه شيئا من هذا، فهل يفيده قوله: ما هو الدليل؟! وعلى ماذا؟!

أقول: على (حكم) رقص المرأة أمام زوجها أو رقص المرأة أمام أختها المسلمة جوازا أو منعا! ودبكة الرجال! يريد الدليل على ذلك! وفي الحقيقة أنه لا يوجد لنا دليل نصي عن الرسول ?في ذلك، إنما هو النظر والاستنباط والتفقه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير