ولذلك نحن نقول في بعض الأحيان: ليس كل مسألة يفصل عليها الدليل تفصيلا يفهمه كل مسلم، سواء أكان عاميا أميا، أو كان طالب علم، وليس هذا في كل المسائل، لذلك قال تعالى:** فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
ومن التطرف الذي أشرت إليه أنفا – وصار اجهل الناس بسببه يرفض الدليل-أن كثيرا من المنتمين الى دعوة الكتاب والسنة يتوهمون أن العالم إذا سئل عن مسألة يجب عليه أن يقرن جوابه بقال الله وقال رسوله.
أقول: هذا ليس بالواجب، وهذا من فوائد الانتماء الى منهج السلف الصالح، وسيرهم –رضي الله عنهم-، وفتاواهم دليل عملي على ما قلته.
وعليه؛ فإن ذكر الدليل واجب حينما يقتضيه واقع الأمر، لكن ليس الواجب عليه كلما سئل سؤالا أن يقول: قال الله تعالى كذا، أو:قال رسول الله? كذا، وبخاصة إذا كانت المسألة من دقائق المسائل الفقهية المختلف فيها.
وقوله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}، هو أولا على الإطلاق، فما عليك إلا أن تسأل من تظن أنه من أهل العلم، فإذا سمعت الجواب فعليك بالإتباع، إلا إذا كانت عندك شبهة سمعتها من عالم آخر، لا بأس من أن توردها، فحينئذ من الواجب على العالم أن يسعى بما عنده من العلم لإزالة الشبهة التي عرضت لهذا السائل.
خلاصة القول: رقص المرأة أمام الزوج بالقيد المذكور أنفا جائز.
أما رقص المرأة أمام بنات جنسها فبه صورتان –أيضا- كما ذكرت أنفا بالنسبة لرقص المرأة أمام زوجها: إن كان رقصا غير مقرون بمهنة وإنما هو عبارة عن ترويح وتلويح باليدين ليس فيه هز للأرداف ونحو ذلك مما يحرض النفوس، أو يثير الشبهات، وأيضا لا بأس بهذا الرقص إن صح تسميته رقصا!
أما إذا وجد شئ من ذلك فالمنع منه هو الاصل.
أما دبكة الرجال فإن كانت تشبه الدبك الذي نراه عادة مقرونا بالغناء فضلا عما نكون فيه من ألفاظ غير مشروعة فهذا لهو ليس مرغوبا فيه، بل هو مرغوب عنه، كما قال عليه الصلاة والسلام:"كل لهو يلهو به ابن آدم باطل إلا مداعبته لامرأته وملا عبته لفرسه ورميه بقوسه والسباحة" فنحن نرى من هذا الحديث القول بأنه باطل.
وإذا كان هذا شأن اللهو البرئ-أنه مرغوب عنه، وليس من الحق- إذا كان لا يقترن معه ما يخالف الشرع في جانب من جوانبه، فحينئذ نقول: انه جائز لكنه جواز مرجوح بهذا الحديث الذي ذكرته أنفا.
ففي ظني – والله أعلم – لأني ما أشهد مثل هذه الدبكة، أنها لا يمكن أن تخلو من مخالفة، وذلك مثلا أننا سمعنا أحيانا الدبكة وليس هي فقط، بل الموسيقي والمؤذن يؤذن والإمام يجهر بقراءة القرآن وهم لا يلوون على شئ بل هم في لهوهم ساهون، فإذن؛ الدبكة هذه قد تكون من اللهو المرجوح ولا نقول: حرام إلا إذا اقترن بها ما يخالف الشرع من ناحية من النواحي فينقلب دونما شك الى حرام.
*السؤال 32: لماذا التسمي بالسلفية؟
أهي دعوة حزبية أم طائفية أو مذهبية؟
أم هي فرقة جديدة في الاسلام؟
الجواب: إن كلمة السلف معروفة في لغة العرب وفي لغة الشرع؛ وما يهمنا هنا هو بحثها من الناحية الشرعية:
فقد صح عن النبي ? أنه قال في مرض موته للسيدة فاطمة رضي الله عنها:" فاتقي الله و اصبري ونعم السلف أنا لك ".
ويكثر استعمال العلماء لكلمة السلف، وهذا أكثر من أن يعد ويحصى، وحسبنا مثالا واحدا وهو ما يحتجون به في محاربة البدع:
وكل خير في إتباع من سلف ** وكل شر في ابتداع من خلف
ولكن هناك من مدعي العلم من ينكر هذه النسبة زاعما أن لا أصل لها! فيقول: " لا يجوز أن يقول المسلم: أنا متبع للسلف الصالح فيما كانوا عليه من عقيدة وعبادة وسلوك."ّ
لا شك أن مثل هذا الإنكار –لو كان يعنيه- يلزم منه التبرؤ من الاسلام الصحيح الذي كان عليه سلفنا الصالح، وعلى رأسهم النبي ? كما يشير الحديث المتواتر الذي في (الصحيحين) وغيرهما عنه ?:" خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم".
فلا يجوز لمسلم أن يتبرأ من الانتساب الى السلف الصالح، بينما لو تبرأ من أية نسبة أخرى لم يمكن لأحد من أهل العلم أن ينسبه الى كفر،أو فسوق.
والذي ينكر هذه التسمية نفسه، ترى ألا ينتسب الى مذهب من المذاهب؟! سواء أكان هذا المذهب متعلقا بالعقيدة أو بالفقه؟
¥