أحدها: له جميع أنواع الاستمتاع إلا النظر إلى الفرج، ففيه خلاف سبق في حكم النظر، وإلا الإتيان في الدبر، فإنه حرام، ويجوز التلذذ بما بين الإليتين والإيلاج في القبل من جهة الدبر 0
وقد نقل أهل العلم عن الأئمة: تحريم إتيان المرأة في الدبر، منهم الإمام الطحاوي0 فقد نقله عن الإمام أبي حنيفة وصاحباه أبي يوسف ومحمد بن الحسن تحريم ذلك0
ومما قاله يعني ـ الطحاوي (4) ـ:" فلما تواترت هذه الآثار عن رسول الله r بالنهي عن وطء المرأة في دبرها، ثم جاء عن الصحابة، وعن تابعيهم ما يوافق ذلك، وجب القول به، وترك ما يخالفه " 0
¨ ونقل ابن كثير (4) عن الإمام أحمد تحريمه ذلك في تفسيره 0
وأما الإمامان: مالك والشافعي ـ رحمهما الله ـ فقد نقلت عنهما روايتان، وسيأتي بيان ذلك في مبحث خاص إن شاء الله 0
وقال ابن حزم (5): " وما روينا إباحة ذلك عن أحد إلا عن ابن عمر t باختلاف عنه، وعن نافع باختلاف عنه، وعن مالك باختلاف عنه " 0
وقد جاء التحريم عن أبي هريرة وعلي وأبي الدرداء وابن عباس وسعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبدالرحمن بن عوف وطاوس ومجاهد 0
وهو قول أبي حنيفة والشافعي وسفيان والثوري وغيرهم (6) 0
(1) الاستذكار، لابن عبدالبر: 24/ 84 0
(2) 7/ 204 0
(3) شرح معاني الآثار للطحاوي: 3/ 46 0
(4) تفسير ابن كثير:
(5) المحلى: 11/ 288 0
(6) المغني: 7/ 23، القرطبي: 3/ 91، نيل الأوطار: 6/ 225 0
قال البغوي في (شرح السنة) (1): اتفق أهل العلم على أنه يجوز للرجل إتيان زوجته في قبلها من جانب دبرها، وعلى أي صفة شاء 000 أما الإتيان في الدبر فحرام، فمن فعله جاهلاً بتحريمه نُهِىَ عنه، فإن عاد عُزِّرَ 000 " 0
وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ عن رجل ينكح زوجته في دبرها، أحلال هو أم حرام؟ 0
فأجاب ـ رحمه الله ـ وطء المرأة في دبرها حرام بالكتاب والسنة، وهو قول جماهير السلف والخلف، بل هو اللوطية الصغرى، وقد ثبت عن النبي r أنه قال: " إن الله لا يستحي من الحق لا تأتوا النساء في أدبارهن " 0 وقد قال الله تعالى:] نِسَاؤُكُمْ حَرْثُُ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ [، والحرث هو موضع الولد، فإن الحرث هو محل الغرس والزرع (2) 0
وقال ابن القيم (3): " وأما الدبر: فلم يبح قط على لسان نبي من الأنبياء، ومن نسب إلى بعض السلف إباحة وطء الزوجة في دبرها، فقد غلط عليه 0
وقال الإمام الذهبي ـ رحمه الله (4) ـ: وقد جاءت رواية أخرى عنه ـ أى عن نافع عن ابن عمر ـ بتحريم أدبار النساء وما جاء عنه بالرخصة، فلو صح لما كان صريحاً، بل يحتمل أنه أراد بدبرها من ورائها في القبل، وقد أوضحنا المسألة في مصنف مفيد لا يُطَالِعَهُ عالم إلا ويقطع بتحريم ذلك "0
وممن قال بالتحريم كذلك، الإمام الحافظ ابن حجر في الفتح (5) 0
وممن حرمها وعدها من الكبائر، الإمام الذهبي (6)، وابن حجر الهيثمي في الزواجر (7)، وكذلك الإمام الشوكاني في الدراري المضية شرح الدرر البهية (8)، كذلك
(1) 9/ 106 0
(2) مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 32/ 266 ـ 267 0
(3) الزاد: (4/ 240) 0
(4) سير أعلام النبلاء: 5/ 100 0
(5) فتح الباري: 8/ 191 0
(6) ص 221 0
(7) 2/ 30 0
(8) ص 162 0
الإمام الصنعاني في سبل السلام (1) 0
وكذلك العلامة المحدث ولي الله الدهلوي في " حجة الله البالغة " (2) 0
ومن المفسرين ـ ابن كثير في تفسيره للآية، وكذلك ابن الجوزي في (زاد المسير) (2) 0
ومن المحدثين: العلامة السعدي (3)، وغيرهم كثير 0
وعلى ذلك انعقد الإجماع كما نقله الإمام العيني، فقال ـ رحمه الله ـ: " وقد انعقد الإجماع على تحريم إتيان المرأة في الدبر وإن كان فيه خلاف قديم، فقد انقطع، وكل من روي عنه إباحته، فقد روي عنه إنكاره 00" (4) 0
(1) 3/ 291 ـ 292 0
(2) 2/ 134 0
(3) 1/ 252 0
(4) 1/ 134 0
(5) البناية في شرح الهداية لأبي محمد محمود بن أحمد العيني: 6/ 255 0
¨ أدلة المبيحين:
قال تعالى:] أَتَأْتُونَ الْذُكْرَانَ مِنَ العَالَمِينَ وتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ منْ
أَزْوَاجِكُمْ [0
وقال تعالى:] هُنَّ لِبَاسُُ لَكُمْ وأَنْتُمُ لِبَاسُُ لَهُنَّ [(1) 0 فدل على أن جميعهن لباس يستمتع به على عمومه (2) 0
¥