ليحذر الشاعر وغيره من ارتكاب هذه القبائح الشديدة الوزر العظيمة الإثم فإنها ربما جرت إلى الكفر نعوذ بالله من ذلك، ولم يزل المتقدمون والمتأخرون ينكرون مثل هذا وقع منه، فمما أنكر على أبي نواس قوله: < o:p>
فإن يك باقي سحر فرعون فيكم فإن عصا موسى بكفّ خصيب< o:p>
ووجه الإنكار عليه أن عصا موسى إنما تنصرف لحقيقتها من الإضافة إليه صلى الله على نبينا وعليه وسلم، وإن كان إنما أراد بهما نجماً معروفاً فإنها اسم له وكف الخصيب بالمعجمة، قيل وبالمهملة اسم لنجم أيضاً، ومما كفر قوله في محمد الأمين أو تشبيهه إياه بالنبي r، تنازع الأحمدان الشبه فاشتبها خَلْقاً وخُلُقاً ... وإن كان في غاية القبح إلا أنه لا يكون كفراً على قضية مذهبنا إلا أن قصد المشابهة المطلقة، ومما أنكر عليه قوله: < o:p>
كيف لا يدنيك من أمل من رسول الله من نفره< o:p>
لأن من واجب تعظيمه r أن يضاف إليه ولا يضاف. ومنها: ما نقله مالك من تأديب من عيّر بالفقر، فقال: قد رعى النبي r الغنم، لأنه عرّض بذكره r في غير موضعه، قال مالك: ولا ينبغي لأهل الذنوب إذا عوقبوا أن يقولوا قد أخطأت الأنبياء قبلنا. ونقل سحنون: (لا ينبغي أن يصلي على النبي r عند التعجب إلا على طريق الثواب والاحتساب تعظيماً له كما أمرنا الله) [113] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn113). يقول عبد الله بن محمد الجوعي: (انظر-أيضاً- إلى قول المتنبي يفخر فخراً لا يصح ولا يليق: < o:p>
أي محل أرتقي أي عظيم اتقي < o:p>
وكل ما خلق الله وما لم يخلق < o:p>
محتقر في همّتي كشعرة في مفرق< o:p>
نعم بهذا الإطلاق الموهم للكفر، فإن ظاهر تلك الأبيات ازدراء واستهانة بكل ما خلق الله وما لم يخلق وهذا يشتمل كل عظيم، وظاهر جداً أنّ الرسول r ، والملائكة كلهم داخلون في هذا العموم. وتأمل قول شوقي أيضاً: < o:p>
آمنت بالله واستثنيت جنّتَه دمَشق روح وجنَّات وريحان< o:p>
فعلى الرغم من يقيننا بإيمان شوقي بالله واليوم الآخر، والجنة والنار إلا أننا نرى أنه زلَّ في هذا البيت بكلام ظاهره الكفر وكأن اللغة العربية عجزت عن التعبير عن مكنون ولاء الشاعر وإعجابه بدمشق إلا بصورة توهم غير معتقد الشاعر وكان في غير هذا الأسلوب مندوحة عنه، وانظر كيف استعصى تأويل هذا البيت على بعض الأدباء فكيف بالعامة، ذكر محمد المجذوب موقفاً يتعلق بهذا البيت فقال: اجتمعت مع لجنة مكوَّنة من عشرين أديباً لتدقيق أوراق امتحانات الأدب العربي وكان النص المطلوب تحليله هو نونية شوقي في وصف دمشق، فقلت: ألا نتفق على المعنى المقبول قبل توزيع العمل، فأجاب رئيس اللجنة: لا خلاف على المعاني فهي واضحة، ولكل بيت درجاته المقرَّرة، فقالت له: اسمح لي أن أسألك عما يريد شوقي بقوله: < o:p>
آمنت بالله واستثنيت جنّتَه دمَشق روح وجنَّات وريحان< o:p>
أفمؤمن شوقي بالجنة أم رافض؟ وانطلقت الأصوات تؤكد أن شوقي مؤمن بالله منكر للجنة!! وبصعوبة كبيرة استطعت إقناع الأكثرين بضد ما ذهبوا إليه يومئذ بعد أن عرضت من أبيات شوقي في القصيدة نفسها ما يؤكد إيمانه بالجنة، وظل رئيس اللجنة ومعه آخر مخالفين لما أقول) [114] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn114). ونحن في هذه الأيام ينقصنا التورع عن الألفاظ الموهمة للكفر والشرك ففي كل يوم تقع عيناك على ما يمس الدين ويخدشه، وينمّ عن رقّة دين كاتبه أو قائله .. قال حافظ إبراهيم: < o:p>
أرى كل يوم بالجرائد مزلقاً.< o:p>
وإن كان يقصد مزلقاً لغوياً فإنا نقصد مزلقاً عقدياً .. وسأضرب –أيها القاريء الكريم-مثلاً واحداً لما نسمعه من هذا الركام الهائل من كلمات الكفر وعبارات المستهزئين .. تأمل قول القائل: (أربعة ونقطتان قبلها وواحد من بعدها تكون مصدر الضلال). بأي قاموس تخرِّج تلك الألفاظ أو تؤولها؟) [115] ( http://www.ahlalhdeeth.com/vb/newthread.php?do=newthread&f=16#_ftn115). أين تحقيق حكم الله في المرتد؟ أين فضح المنافقين على المنابر وفي المحاضرات؟ أين تبرأ العلماء من هؤلاء المستهزئين؟ أين الانتصار لرسول الله r؟ أين نحن من قول ابن عمر عند ما قيل له: (إن رجلاً سب النبي r فقال: لو
¥