ونؤمن بأن لله تعالى عينين اثنتين حقيقيتين لقوله تعالى:] واصنع الفلك بأعيننا ووحينا [(4). وقال النبي، صلى الله عليه وسلم،: "حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه".
وأجمع أهل السنة على أن العينين اثنتان، ويؤيده قول النبي، صلى الله عليه وسلم، في الدجال: "إنه أعور وإن ربكم ليس بأعور".
ونؤمن بأن الله تعالى] لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير [(5).
ونؤمن بأن المؤمنين يرون ربهم يوم القيامة:] وجوه يومئذ ناضرة. إلى ربها ناظرة [(6).
ونؤمن بأن الله تعالى لا مثيل له لكمال صفاته] ليس كمثله شيء وهو السميع البصير [(7).
ونؤمن بأنه] لا تأخذه سنة ولا نوم [(8). لكمال حياته وقيوميته.
ونؤمن بأنه لا يظلم أحداً، لكمال عدله.
وبأنه ليس بغافل عن أعمال عباده، لكمال رقابته وإحاطته.
ونؤمن بأنه لا يعجزه شيء في السماوات ولا في الأرض، لكمال علمه وقدرته:] إنما أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون [(9).
وبأنه لا يلحقه تعب، ولا إعياء، لكمال قوته:] ولقد خلقنا السموات والأرض وما بينهما في ستة أيام وما مسنا من لغوب [(1) أي من تعب ولا إعياء.
ونؤمن بثبوت كل ما أثبته الله لنفسه، أو أثبته له رسوله، صلى الله عليه وسلم، من الأسماء والصفات، لكننا نتبرأ من محذورين عظيمين هما:
التمثيل: أن يقول بقلبه أو لسانه: صفات الله تعالى كصفات المخلوقين.
والتكييف: أن يقول بقلبه أو لسانه: كيفية صفات الله تعالى كذا وكذا.
ونؤمن بانتفاء كل ما نفاه الله عن نفسه، أو نفاه عنه رسوله، صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك النفي يتضمن إثباتاً لكمال ضده.
ونسكت عما سكت الله عنه، ورسوله.
ونرى أن السير على هذا الطريق فرض لابد منه، وذلك لأن ما أثبته الله لنفسه، أو نفاه عنها سبحانه فهو خبر أخبر الله به عن نفسه، وهو سبحانه أعلم بنفسه، وأصدق قيلا، وأحسن حديثاً، والعباد لا يحيطون به علماً.
وما أثبته له رسوله، أو نفاه فهو خبر أخبر به عنه، وهو أعلم الناس بربه، وأنصح الخلق، وأصدقهم وأفصحهم.
ففي كلام الله تعالى ورسوله، صلى الله عليه وسلم، كمال العلم، والصدق، والبيان، فلا عذر في رده، أو التردد في قبوله.
فصل
وكل ما ذكرناه من صفات الله تعالى تفصيلاً أو إجمالاً، إثباتاً أو نفياً، فإننا في ذلك على كتاب ربنا، وسنة نبينا معتمدون، وعلى ما سار عليه سلف الأمة وأئمة الهدى من بعدهم سائرون.
ونرى وجوب إجراء نصوص الكتاب والسنة في ذلك على ظاهرها وحملها على حقيقتها اللائقة بالله عز وجل.
ونتبرأ من طريق المحرفين لها، الذين صرفوها إلى غير ما أراد الله بها ورسوله.
ومن طريق المعطلين لها، الذين عطلوها من مدلولها الذي أراده الله ورسوله.
ومن طريق الغالين فيها الذين حملوها على التمثيل، أو تكلفوا لمدلولها التكييف.
ونعلم علم اليقين أن ما جاء في كتاب الله تعالى أو سنة نبيه، صلى الله عليه وسلم، فهو حق لا يناقض بعضه بعضاً لقوله تعالى:] أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً [(1). ولأن التناقض في الأخبار يستلزم تكذيب بعضها بعضاً، وهذا محال في خبر الله تعالى ورسوله، صلى الله عليه وسلم.
ومن ادعى أن في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو بينهما تناقضاً، فذلك لسوء قصده، وزيغ قلبه فليتب إلى الله ولينزع عن غيه.
ومن توهم التناقض في كتاب الله تعالى أو في سنة رسوله، صلى الله عليه وسلم، أو بينهما، فذلك إما لقلة علمه، أو قصور فهمه، أو تقصيره في التدبر، فليبحث عن العلم، وليجتهد في التدبر حتى يتبين له الحق، فإن لم يتبين له فليكل الأمر إلى عالمه وليكف عن توهمه، وليقل كما يقول الراسخون في العلم:] آمنا به كل من عند ربنا [(2). وليعلم أن الكتاب والسنة لا تناقض فيهما ولا بينهما ولا اختلاف.
فصل
ونؤمن بملائكة الله تعالى وأنهم:] عباد مكرمون. لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون [(1).خلقهم الله تعالى فقاموا بعبادته، وانقادوا لطاعته] لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون. يسبحون الليل والنهار لا يفترون [(2).
¥