ونؤمن بأن المفضول من هؤلاء قد يتميز بخصيصة يفوق فيها من هو أفضل منه، لكنه لا يستحق بها الفضل المطلق على من فضله، لأن موجبات الفضل كثيرة متنوعة.
ونؤمن بأن هذه الأمة خير الأمم، وأكرمها على الله عز وجل، لقوله تعالى:] كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله [(2).
ونؤمن بأن خير هذه الأمة الصحابة، ثم التابعون، ثم تابعوهم.
وبأنه لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق ظاهرين، لا يضرهم من خذلهم، أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل.
ونعتقد أن ما جرى بين الصحابة رضي الله عنهم من الفتن، فقد صدر عن تأويل اجتهدوا فيه. فمن كان منهم مصيباً كان له أجران، ومن كان منهم مخطئاً فله أجر واحد، وخطؤه مغفور له.
ونرى أنه يجب أن نكف عن مساوئهم، فلا نذكرهم إلا بما يستحقونه من الثناء الجميل، وأن نطهر قلوبنا من الغل والحقد على أحد منهم، لقوله تعالى فيهم:] لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا وكلا وعد الله الحسنى [(3). وقول الله تعالى فينا:] والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم [(4).
فصل
ونؤمن باليوم الآخر، وهو يوم القيامة الذي لا يوم بعده، حين يبعث الناس أحياء للبقاء: إما في دار النعيم، وإما في دار العذاب الأليم.
فنؤمن بالبعث وهو إحياء الله تعالى الموتى، حين ينفخ إسرافيل في الصور النفخة الثانية] ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون [(1).
فيقوم الناس من قبورهم لرب العالمين، حفاة بلا نعال، عراة بلا ثياب، غرلاً بلا ختان] كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين [(2).
ونؤمن بصحائف الأعمال تعطى باليمين، أو من وراء الظهور بالشمال] فأما من أوتى كتابه بيمينه. فسوف يحاسب حساباً يسيراً. وينقلب إلى أهله مسروراً. وأما من أوتي كتابه وراء ظهره. فسوف يدعوا ثبوراً. ويصلى سعيراً [(3).] وكل إنسان ألزمناه طائره في عنقه ونخرج له يوم القيامة كتاباً يلقاه منشوراً. اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيباً [(4).
ونؤمن بالموازين توضع يوم القيامة فلا تظلم نفس شيئاً] فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره. ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره [(5).] فمن ثقلت موازينه فأولئك هم المفلحون. ومن خفت موازينه فأولئك الذين خسروا أنفسهم في جهنم خالدون. تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون [(6).] من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها ومن جاء بالسيئة فلا يجزى إلا مثلها وهم لا يظلمون [(7).
ونؤمن بالشفاعة العظمى لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، خاصة، يشفع عند الله تعالى بإذاًه ليقضي بين عباده، حين يصيبهم من الهم والكرب مالا يطيقون فيذهبون إلى آدم، ثم نوح، ثم إبراهيم، ثم موسى، ثم عيسى حتى تنتهي إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم.
ونؤمن بالشفاعة فيمن دخل النار من المؤمنين أن يخرجوا منها، وهي للنبي، صلى الله عليه وسلم، وغيره من النبيين، والمؤمنين، والملائكة.
وبأن الله تعالى يخرج من النار أقواماً من المؤمنين بغير شفاعة، بل بفضله ورحمته.
ونؤمن بحوض رسول الله، صلى الله عليه وسلم، ماؤه أشد بياضاً من اللبن، وأحلى من العسل، وأطيب من رائحة المسك، طوله شهر، وعرضه شهر، وآنيته كنجوم السماء حسناً وكثرة، يرده المؤمنون من أمته، من شرب منه لم يظمأ بعد ذلك.
ونؤمن بالصراط المنصوب على جهنم، يمر الناس عليه على قدر أعمالهم، فيمر أولهم كالبرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، وأشد الرجال، والنبي، صلى الله عليه وسلم، قائم على الصراط يقول: "يا رب سلم سلم". حتى تعجز أعمال العباد، فيأتي من يزحف، وفي حافتي الصراط كلاليب معلقة مأمورة، تأخذ من أمرت به، فمخدوش ناج، ومكردس في النار.
ونؤمن بكل ما جاء في الكتاب والسنة، من أخبار ذلك اليوم وأهواله، أعاننا الله عليها.
ونؤمن بشفاعة النبي، صلى الله عليه وسلم، لأهل الجنة أن يدخلوها. وهي للنبي، صلى الله عليه وسلم، خاصة.
¥