فأجاب قائلاً: التسمي بالإمام أهون بكثير من التسمي بشيخ الإسلام لأن النبي، صلى الله عليه وسلم، سمى إمام المسجد إماماً ولو لم يكن معه إلا واحد، لكن ينبغي أن لا يتسامح في إطلاق كلمة "إمام" إلا على من كان قدوة وله أتباع كالإمام أحمد وغيره ممن له أثر في الإسلام، ووصف الإنسان بما لا يستحقه هضم للأمة، لأن الإنسان إذا تصور أن هذا إمام وهذا إمام ممن لم يبلغ منزلة الإمامة هان الإمام الحق في عينه.
(433) سئل فضيلة الشيخ: عن إطلاق بعض الأزواج على زوجاتهم وصف أم المؤمنين؟
فأجاب فضيلته بقوله: هذا حرام، ولا يحل لأحد أن يسمي زوجته أم المؤمنين، لأن مقتضاه أن يكون هو نبيّاً، لأن الذي يوصف بأمهات المؤمنين هن زوجات النبي، عليه الصلاة والسلام، وهل هو يريد أن يتبوأ مكان النبوة وأن يدعو نفسه بعد بالنبي؟ بل الواجب على الإنسان أن يتجنب مثل هذه الكلمات، وأن يستغفر الله تعالىمما جرى منه.
(434) سئل فضيلة الشيخ: ما حكم قول: "ياعبدي" و "يا أمتي"؟
فأجاب: قول القائل: "يا عبدي"، "يا أمتي"، ونحوه له صورتان:
الصورة الأولى: أن يقع بصيغة النداء مثل: يا عبدي، يا أمتي، فهذا لا يجوز للنهي عنه في قوله، صلى الله عليه وسلم: "لا يقل أحدكم عبدي وأمتي".
الصورة الثانية: أن يكون بصيغة الخبر وهذا على قسمين:
القسم الأول: إن قاله بغيبة العبد، أو الأمة فلا بأس فيه.
القسم الثاني: إن قاله في حضرة العبد أو الأمة، فإن ترتب عليه مفسدة تتعلق بالعبد أو السيد منع وإلا فلا، لأن القائل بذلك لا يقصد العبودية التي هي الذل، وإنما يقصد أنه مملوك له وإلى هذا التفصيل الذي ذكرناه أشار في (تيسير العزيز الحميد شرح كتاب التوحيد) في باب لا يقول: عبدي وأمتي. وذكره صاحب فتح الباري عن مالك.
(435) وسئل فضيلة الشيخ: عن قول الإنسان: "أنا حر"؟
فأجاب بقوله: إذا قال ذلك رجل حر وأراد أنه حر من رق الخلق، فنعم هو حر من رق الخلق، وأما إن أراد أنه حر من رق العبودية لله - عز وجل - فقد أساء في فهم العبودية، ولم يعرف معنى الحرية، لأن العبودية لغير الله هي الرق أما عبودية المرء لربه - عز وجل - فهي الحرية، فإنه إن لم يذل لله ذل لغير الله، فيكون هنا خادعاً نفسه إذا قال: إنه حر يعني إنه متجرد من طاعة الله، ولن يقوم بها.
(436) سئل فضيلة الشيخ: عن قول العاصي عند الإنكار عليه: " أنا حر في تصرفاتي"؟
فأجاب بقوله: هذا خطأ، نقول: لست حراً في معصية الله، بل إنك إذا عصيت ربك فقد خرجت من الرق الذي تدعيه في عبودية الله إلى رق الشيطان والهوى.
(437) سئل فضيلة الشيخ عن قول الإنسان: "إن الله على ما يشاء قدير" عند ختم الدعاء ونحوه؟
فأجاب بقوله: هذا لا ينبغي لوجوه:
الأول: أن الله تعالىإذا ذكر وصف نفسه بالقدرة لم يقيد ذلك بالمشيئة في قوله تعالى:] ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير [(1) وقوله]:ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير [(2) وقوله] ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض [(3) فعمم في القدرة كما عمم في الملك وقوله:] ولله ملك السموات والأرض وما بينهما يخلق ما يشاء والله على كل شيء قدير [(4) فعمم في الملك والقدرة، وخص الخلق بالمشيئة لأن الخلق فعل، والفعل لا يكون إلا بالمشيئة، أما القدرة فصفة أزلية أبدية شاملة لما شاء وما لم يشأه، لكن ما شاءه سبحانه وقع وما لم يشأه لم يقع والآيات في ذلك كثيرة.
الثاني: أن تقييد القدرة بالمشيئة خلاف ما كان عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأتباعه فقد قال الله عنهم:] يوم لا يخزي الله النبي والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا واغفر لنا إنك على كل شيء قدير [(5) ولم يقولوا: "إنك على ما تشاء قدير"، وخير الطريق طريق الأنبياء وأتباعهم فإنهم أهدى علماً وأقوم عملاً.
¥