تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والجواب على قوله: أن نقول: لا شك أن الله أضاف روح آدم إليه في قوله –تعالى-:] فإذا سويته ونفخت فيه من روحي [(1). وأضاف روح عيسى إليه فقال:] ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فننفخنا فيه من روحنا [(2).وأضاف بعض مخلوقات أخرى إليه كقوله:] وطهر بيتي للطائفين والقائمين [(3). وقوله:] وسخر لكم مافي السموات ومافي الأرض جميعاً منه [(4). وقوله عن رسوله صالح:] فقال لهم رسول الله ناقة الله وسقياها [(5) ولكن المضاف إلى الله نوعان:

أحدهما: ما يكون منفصلاً بائناً عنه، قائماً بنفسه أو قائماً بغيره، فإضافته إلى الله تعالى إضافة خلق وتكوين، ولا يكون ذلك إلا فيما يقصد به تشريف المضاف أو بيان عظمة الله تعالى، لعظم المضاف، فهذا النوع لا يمكن أن يكون من ذات الله، ولا من صفاته، أما كونه لا يمكن أن يكون من ذات الله تعالى، فلأن ذات الله تعالى واحدة لا يمكن أن تتجزأ أو تتفرق، وأما كونه لا يمكن أن يكون من صفات الله فلأن الصفة معنى في الموصوف لا يمكن أن تنفصل عنه، كالحياة، والعلم، والقدرة، والقوة، والسمع، والبصر وغيرها. فإن هذه الصفات صفات لا تباين موصوفها، ومن هذا النوع إضافة الله تعالىروح آدم وعيسى إليه، وإضافة البيت وما في السموات والأرض إليه، وإضافة الناقة إليه، فروح آدم، وعيسى قائمة بهما، وليست من ذات الله تعالى، ولا من صفاته قطعاً، والبيت ومافي السموات والأرض، والناقة أعيان قائمة بنفسها، وليست من ذات الله ولا من صفاته، وإذا كان لا يمكن لأحد أن يقول: إن بيت الله، وناقة الله من ذاته ولا من صفاته فكذلك الروح التي أضافها إليه ليست من ذاته ولا من صفاته، ولا فرق بينهما إذ الكل بائن منفصل عن الله - عز وجل - وكما أن البيت والناقة من الأجسام فكذلك الروح جسم تحل بدن الحي بإذاً الله، يتوفاها الله حين موتها، ويمسك التي قضى عليها الموت، ويتبعها بصر الميت حين تقبض، لكنها جسم من جنس آخر.

النوع الثاني: من المضاف إلى الله: ما لا يكون منفصلاً عن الله بل هو من صفاته الذاتية أو الفعلية، كوجهه، ويده، وسمعه، وبصره، واستوائه على عرشه، ونزوله إلى السماء الدنيا، ونحو ذلك، فإضافته إلى الله تعالىمن باب إضافة الصفة إلى موصوفها، وليس من باب إضافة المخلوق والمملوك إلى مالكه وخالقه.

وقول المتكلم:"إن الروح من الله" يحتمل معنى آخر غير ماقلنا: إنه الأظهر، وهو أن البدن مادته معلومة، وهي التراب، أما الروح فمادتها غير معلومة، وهذا المعنى صحيح. كما قال الله تعالى:] ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلاً [(1). وهذه ـ والله أعلم ـ من الحكمة في إضافتها إليه أنها أمر لا يمكن أن يصل إليه علم البشر بل هي مما استأثر الله بعلمه كسائر العلوم العظيمة الكثيرة التي لم نؤت منها إلا القليل، ولا نحيط بشيء من هذا القليل إلا بما شاء الله ـ تبارك وتعالى ـ.

فنسأل الله تعالى، أن يفتح علينا من رحمته وعلمه مابه صلاحنا، وفلاحنا في الدنيا والآخرة.

(467) سئل فضيلة الشيخ: عن المراد بالروح والنفس؟ والفرق بينهما؟

فأجاب قائلاً: الروح في الغالب تطلق على ما به الحياة سواء كان ذلك حساً أو معنى، فالقرآن يسمى روحاً قال الله تعالى:] وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا [(2) لأن به حياة القلوب بالعلم والإيمان، والروح التي يحيا بها البدن تسمى روحاً كما قال الله –تعالى-:] ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي [(3).

أما النفس فتطلق على ما تطلق عليه الروح كثيراً كما في قوله تعالى:] الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليها الموت ويرسل الأخرى إلى أجل مسمى [(4).

وقد تطلق النفس على الإنسان نفسه، فيقال: جاء فلان نفسه، فتكون بمعنى الذات، فهما يفترقان أحياناً، ويتفقان أحياناً، بحسب السياق.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير