تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالأفكار النافعة والنظريات الصحيحة قد جاء بها الإسلام ودعا إليها، فليست مستوردة عليهم، بل هو السابق إليها وإن خفيت على بعض أتباعه وظنوا أنها مستوردة من أعدائه، وإنما قصارى ما يأتي به الأعداء من الأفكار الصحيحة والنظريات الموافقة للشرع أن يذيعوها بين الناس ويلبسوها لباساً يوهم أنها من عندهم، وأنهم مبتكروها والدعاة إليها، وليس الأمر كذلك، وإنما الفضل في ذلك للإسلام عليهم، حيث نبههم عليها وأرشدهم إلى أصولها وثمراتها، فنسبوا ذلك إلى أنفسهم وجحدوا نسبة الحق إلى أهله، إما جهلاً وإما حسداً، والحكومة العربية السعودية حين تحارب الاشتراكية وغيرها من المذاهب الهدامة لم تحاربها لكونها مستوردة وإنما حاربتها لأنها نظام إلحادي مخالف للشريعة، ينكر الأديان والشرائع، ويحارب الله سبحانه وينكر وجوده، ويحل ما حرم، ويحرم ما أحل، وإن استخفى معتنقوه في بعض الأمكنة وفي بعض الأزمنة بشيء من هذا ولم يظهروه لأسباب قد تدعوهم إلى ذلك، فالأمر واضح وكتبهم تنادي بذلك وتدعوا إليه، وإمامهم (ماركس) اليهودي الملحد قد صرح بذلك ودعا إليه ولكن الواقع هو كما قال الله عز وجل: فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [2] ( http://www.binbaz.org.sa/mat/8570#_ftn2)، والحكومة السعودية قد استوردت أشياء كثيرة نافعة ولم تحاربها لما ظهر لها نفعها.

وأما قول الكاتب: (أن حكام السعودية حين دعوا إلى الحلف الإسلامي إنما دعوا إليه بدعوى درء خطر الأفكار المستوردة).

فالجواب عنه أن يقال: إنهم لم يدعوا إلى حلف إسلامي، وإنما دعوا إلى التضامن الإسلامي والتقارب والتكاتف الذي أمر الله به ورسوله، فالله سبحانه قد أمر المسلمين أن يعتصموا بحبل الله جميعا ولا يتفرقوا، وأن يتعاونوا على البر والتقوى، وأن يكون بعضهم لبعض كالبنيان المرصوص ضد أعدائهم ومناوئيهم وفي كل ما يتعلق بمصالحهم، وأن يحاربوا الأفكار والمذاهب التي تخالف دينهم. وليس هذا حلفاً بل هو أعلى من الحلف فهو واجب مقدس وفرض محتم على ملوك المسلمين وزعمائهم وعلمائهم، بل وعلى كافتهم، وأن يستقيموا على دين الله ويحافظوا عليه ويدعوا إليه، وأن يقفوا صفاً واحداً متراصاً ضد أعدائهم وضد ما يحاك لهم من المكائد، ويبيت لهم من الأخطار عملاً بقول الله عز وجل: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [3] ( http://www.binbaz.org.sa/mat/8570#_ftn3)، وقوله سبحانه: إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ [4] ( http://www.binbaz.org.sa/mat/8570#_ftn4)، وقوله جل وعلا: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا [5] ( http://www.binbaz.org.sa/mat/8570#_ftn5)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله يرضى لكم ثلاثاً: أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً: وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا: وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)) أخرجه الإمام مالك في الموطأ والإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح، وأخرجه الإمام مسلم في صحيحه بدون قوله: ((وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم)).

وقوله عليه الصلاة والسلام: ((المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا وشبك بين أصابعه)) متفق عليه، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى)) متفق عليه، والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

وجلالة الملك فيصل ملك المملكة العربية السعودية وفقه الله حين قام بالدعوة إلى التضامن الإسلامي وجمع كلمة المسلمين وتوحيد صفهم وأن يقفوا كتلة واحدة أمام الأخطار المحيطة بهم قد أدى بذلك واجباً عظيماً وعملاً جليلاً يشكر عليه، ويجب على سائر ملوك المسلمين وزعمائهم وعلمائهم وأعيانهم أن يساعدوه في ذلك، وأن يضموا أصواتهم لصوته، وجهودهم لجهوده، وأن يكونوا جميعاً متكاتفين متساعدين على إعلاء كلمة الله، ونصر دينه، وتحكيم شريعته، وتطهير عقيدة شعوبهم من المذاهب الهدامة والأفكار المنحرفة والعقائد الزائفة، وأن يجمعوا جهودهم لإعداد ما استطاعوا من قوةٍ لصد الأخطار المحدقة بهم، وأن يكونوا معسكراً

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير