تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيجب أن يُعلم هذا، فإن كل أصحاب الفرق الضالة الحديثة والقديمة، يركزون على توحيد الربوبية، فإنه إذا أقر العبد عندهم بأن الله هو الخالق الرازق، قالوا: هذا مسلم، وكتبوا بذلك عقائدهم، فكل عقائد المتكلمين لا تخرج عن تحقيق توحيد الربوبية والأدلة عليه.

وهذا لا يكفي، بل لابد من الألوهية، قال تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت) [النحل: 36] يأمرون الناس بعبادة الله وهي توحيد الألوهية.

(وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) [الأنبياء:25]،. (واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً) [النساء: 36].

كل الآيات تأمر بتوحيد الألوهية وتدعو إليه، وجميع الرسل دعوا إلى توحيد الألوهية وأمروا به أممهم، ونهوهم عن الشرك، هذا هو المطلوب والغاية والقصد من التوحيد، وأما توحيد الأسماء والصفات فأنكره المبتدعة من الجهمية والمعتزلة والأشاعرة، على تفاوت بينهم في ذلك.

وقوله نقول: -أي يقول معشر أهل السنة والجماعة- في توحيد الله، معتقدين بتوفيق الله: إن الله واحد لا شريك له.

العقيدة والتوحيد بمعنى واحد. سواء سُميت عقيدة أو توحيداً أو إيماناً، فالمعنى واحد وإن اختلفت الأسماء.

وقوله: "بتوفيق الله" هذا تسليم لله عز وجل، وتضرّع إلى الله، وتبرؤ من الحول والقوة، فالإنسان لا يزكي نفسه، وإنما يقول: بتوفيق الله، بمشيئة الله، بحول الله، هذا أدب العلماء رحمهم الله. "إن الله واحد لا شريك له" هذا هو التوحيد؛ واحد في ربوبيته، واحد في ألوهيته، وواحد في أسماءه وصفاته.

(3) ولا شيء مثله:

مأخوذ من قوله تعالى: (ليس كمثله شيءٌ) [الشورى:11]، وقوله تعالى: (ولم يكن له كفواً أحد) [الإخلاص: 4]، وقوله تعالى: (فلا تجعلوا لله أنداداً) [البقرة: 22]، أي شبهاء ونظراء.

وقوله تعالى: (هل تعلم له سمياً) [مريم: 65]، أي: مماثل يساميه سبحانه وتعالى، فالتمثيل والتشبيه منفيان عن الله عز وجل.

لا يشبهه أحد من خلقه، وهذا هو الواجب أن نثبت ما أثبته الله لنفسه ونعتقده ولا نشبهه بأحد من خلقه، ولا نمثّله بخلقه سبحانه وتعالى، وهذا فيه رد على المشبهة الذين يعتقدون أن الله مثل خلقه، ولا يُفرقون بين الخالق والمخلوق، وهو مذهب باطل.

وفي مقابله مذهب المعطلة؛ الذين غلوا في التنزيه حتى نفوا عن الله ما أثبته من الأسماء والصفات، فراراً من التشبيه بزعمهم.

فكلا الطائفتين غلت، المعطلة غلوا في التنزيه ونفي المماثلة، والمشبهة غلوا في الإثبات، وأهل السنة والجماعة توسّطوا؛ فأثبتوا ما أثبته الله لنفسه على ما يليق بجلاله، من غير تشبيه ولا تعطيل على حد قوله تعالى (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) [الشوى:11] فقوله: (ليس كمثله شيء) نفي للتشبيه، وقوله: (وهو السميع البصير) نفي للتعطيل، وهذا المذهب الذي يسير عليه أهل السنة والجماعة.

ولهذا يُقال: المعطل يعبد عدماً، والمشبه يعبد صنماً، والموحد يعبد إلهاً واحداً فرداً صمداً.

(4) ولا شيء يعجزه:

هذا إثبات لكمال قدرته:

قال تعالى: (وهو على كل شيء قدير) [المائدة: 120].

وقال تعالى: (وكان الله على كل شيء مقتدراً) [الكهف: 45].

وقال تعالى: (إنه كان عليماً قديراً) [فاطر: 44].

والقدير معناه: المبالغ في القدرة، فقدرته سبحانه وتعالى لا يعجزها شيء، إذا أراد شيئاً فإنما يقول له: كن فيكون.

-فهذا فيه إثبات قدرة الله عز وجل، وإثبات شمولها، وعمومها لكل شيء.

-أما العبارة التي يقولها بعض المؤلفين: إنه على ما يشاء قدير. فهذه غلط؛ لأن الله لم يقيد قدرته بالمشيئة، بل قال: على كل شيء قدير، فقل ما قاله الله سبحانه وتعالى. إنما هذه وردت في قوله تعالى: (وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) [الشورى: 29]؛ لأن الجمع له وقت محدد في المستقبل، وهو قادر على جمعهم في ذلك الوقت، أي أهل السماوات وأهل الأرض، قال تعالى: (ومن آياته خلق السموات والأرض وما بث فيهما من دآبة وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) [الشورى:29].

(5) ولا إله غيره:

هذا هو توحيد الألوهية. لا إله، أي: لا معبود بحق غيره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير