تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومعنى (سلَّم) أي: قَبِلَ ما جاء عن الله، وعن رسوله صلى الله عليه وسلم وآمن به على ما جاء، من غير أن يتدخل بتحريفه وتأويله، هذا معنى التسليم.

قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى: "آمنت بالله وبما جاء في كتاب الله على مراد الله، وآمنت برسول الله وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله صلى الله عليه وسلم" أي: لا على الهوى والتحريف وأقوال الناس ().

من سَلَّم وانقاد وردّ ما اشتبه عليه، ولم يعرف معناه أول لم يعرف كيفيته، رده إلى عالمه، وهو الله، سبحانه وتعالى، فالذي يشكل عليه شيء يرجع إلى أهل العلم وفوق كل ذي علم عليم، فإن لم يكن عند العلماء علم بهذا فإنه يجب تفويضه إلى الله جل وعلا.

(65) ورد علم ما اشتبه عليه إلى عالمه:

ولذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سأل أصحابه عن بعض الأشياء التي لا يعرفونها قالوا: الله ورسوله أعلم. فلا يدخلون في المتاهات ويتخرصون.

فإن وجدت عالماً موثوقاً يبين لك فالحمد لله، وإلا فابق على تسليمك واعتقادك أنه حق وأن له معنى، ولكن لم يتبين لك.

(66) ولا تثبت قدم الإسلام إلا على ظهر التسليم والاستسلام:

لا يثبت الإسلام الصحيح إلا بالتسليم لله عز وجل، قال سبحانه: (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً) [النساء:65].

والاستسلام هو: الانقياد والطاعة لما جاء عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

(67) فمن رام علم ما حظر عنه علمه، ولم يقنع بالتسليم فهمه، حجبه مرامه عن خالص التوحيد، وصافي المعرفة، وصحيح الإيمان:

من لم يؤمن بما حجب عنه علمه، مثل علم الكيفية، فالواجب علينا الإيمان بها وردها، أي: رد علمها إلى الله عز وجل (فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً) [البقرة:26].

وقال عز وجل: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) [آل عمران:7]، حجب الله علمه عن الخلق فلا تتعب نفسك، ثم قال: (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كلٌ من عند ربنا) [آل عمران:7]. يسلّمون ويستسلمون، ولا يمنعهم عدم معرفة معناه من الإيمان به والتسليم له. أو أن المعنى أنهم يردون المتشابه من كتاب الله إلى المحكم منه ليفسروه ويتضح معناه ويقولون: (كل من عند ربنا).

(68) فيتذبذب بين الكفر والإيمان، والتصديق التكذيب، والإقرار والإنكار:

من لم يُسلِّم لله ولا إلى الرسول، فإنه يحجب عن معرفة الله ومعرفة الحق، فيكون في متاهات وضلالات ().

وهذه حال المنافقين الذين يتذبذبون، تارة مع المسلمين وتارة مع المنافقين، وتارة يصدقون وتارة يكذبون (كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا) [البقر:20]. أما أهل الإيمان فما عرفوا قالوا به، وما لم يعرفوا وكلوا علمه إلى الله جل وعلا، ولا يكلفون أنفسهم شيئاً لا يعرفونه، أو يقولون على الله ما لا يعلمون –فالقول على الله بغير علم هو عديل الشرك، بل هو أعظم من الشرك، قال تعالى: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطاناً وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) [الأعراف:33]. فجعل القول على الله بغير علم فوق الشرك بالله، مما يدل على خطورة القول على الله بغير علم.

(69) موسوساً تائهاً شاكاً، لا مؤمناً مصدقاً، ولا جاحداً مكذباً:

هذه حالة أهل التردد والنفاق، دائماً شاكين، دائماً مترددين ومتذبذبين؛ لأنه ما ثبتت قدم أحدهم في الإسلام ولم يسلم لله ولا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

كما ذكر الله عن المنافقين أنهم (مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء) [النساء:143](وإذا لقوا الذين آمنوا قالوا آمنا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم إنما نحن مستهزءون*الله يستهزئ بهم ويمدهم في طغيانهم يعمهون) [البقرة:14،15].

(70) ولا يصح الإيمان بالرؤية لأهل دار السلام لمن اعتبرها منهم بوهم أو تأولها بفهم:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير