تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وقد أتى شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في كتاب الإيمان الكبير بما كفى وشفى وذكر الآيات التي استدلوا بها وبعض الأمثلة التي ذكروها وأجاب عن ذلك بما إذا طالعه المنصف عرف الصواب وقواعده أن المجاز لا يدخل في النصوص ولا يهولنك إطباق المتأخرين فإنهم قد أطبقوا على ما هو شر منه والعاقل يعرف الرجال بالحق لا الحق بالرجال. ومن عرف غربة الإسلام والسنة لم يغتر بأقوال الناس وإن كثرت.

والله تعالى يقول: {وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ}. . . الآية [الأنعام: 116] ومن أبلغ الناس بحثًا في المعاني الزمخشري وله في تفسيره مواضع حسنة ولكنه معروف بالاعتزال ونفي الصفات والتكلف في التأويلات والحكم على الله بالشريعة الباطلة مع ما هو عليه من سبه السلف وذمهم والتنقص لهم وفي تفسيره عقارب لا يعرفها إلا الخواص من أهل السنة وقد قال فيه بعض العلماء:

ولكنه فيه مجال لقائل ... وزلات سوء قد أخذن المخانقا

ويشهد في معنى القليل إشارة ... بتكثير ألفاظ تسمى الشقاشقا

يُقَوِّل فيها الله ما ليس قائلا ... وكان مجما في الخطاية وامقا

ويشتم أعلام الأئمة ضلة ... ولا سيما إن أولجوه المضائقا

لئن لم تداركه من الله رحمة ... لسوف يرى للكافرين مرافقا

والمقصود أن الاعتماد على مثل أقوال هؤلاء لا يليق بالمحقق لا سيما فيما يتعلق بمعرفة الله وتوحيده وأنت ترى مثل محمد بن جرير الطبري وأقرانه ومن قبله ومن يقربه في زمانه لم يعرج على هذه الأمور وكذلك المحققون من المتأخرين كابن كثير ونحوه. وكما هو المأثور عن السلف رحمهم الله تعالى وما استنبطوا منه.

فنسأل الله أن يلحقنا بآثار الموحدين وأن يحشرنا في زمرة أهل السنة والجماعة بمنه وكرمه - وقد اجترأت عليك بمثل هذا الكلام نصحًا لله ورسوله رجاء من الله أن ينفع بك في هذا الزمان الذي ذهب فيه العلم النافع ولم يبق إلا رسومه، وأنا أنتظر منك الجواب ورد ما صدر مني من الخطاب. ثم إني لما رأيت الترجمة وقد سمي فيها بعض مصنفاتك وكنت في بلاد (1) قليلة فيها الكتب، وقد ابتليت بالدخول في أمور الناس (2) لأجل ضرورتهم كما قيل: خلا لك الجو فبيضي واصفري - فألتمس من جنابك التفضل علينا ببلوغ السول من أقضية الرسول، والروضة الندية شرح الدرر البهية ونيل المرام شرح آيات الأحكام. فنحن في ضرورة عظيمة إلى هذه كلها فاجعل من صالح أعمالك معونة إخوانك ومحبيك بها وابعث بها إلينا مأجورا إن شاء الله تعالى. وليكن ذلك على يد الأخ أحمد بن عيسى (3) الساكن في مكة المكرمة المشرفة واكتب لنا تعريفا بأحوالكم. ولعل أحدًا منكم يتلقى هذا العلم ويعتني به ويحفظه عنك واحرص على ذلك طمعا أن يجمع لك شرف الدنيا والآخرة ونسأل الله أن يهب لك ذلك. ثم اعلم أني قد بلغت السبعين وأنا في معترك الأعمار لا آمن هجوم المنية ولي أولاد ثمانية منهم ثلاثة


(1) هي بلدة (العمار) من بلاد نجد كما في مشاهير علماء نجد، (ص 253).
(2) أي القضاء فيما بينهم كما في «المشاهير».
(3) هو الشيخ أحمد بن إبراهيم بن عيسى (مات عام 1329 هـ) له ترجمة في «مشاهير علماء نجد» (ص 264).

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير