تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا كله بطريق التنزل والتقرب إلى المنازع، وإلا فالأمر أجل مما ذكر، وذلك من طريقين: أحدهما بيان استقامة هذه الطريق، والثاني بيان أنه لا طريق يقوم مقامها، فيتعين.


(1) من أشهرها مؤلفات مقاتل بن سلمان والدامغاني وابن الجوزي.
(1/ 10)

ـ[محمد نور الدين الشامي]ــــــــ[01 - 08 - 08, 03:16 ص]ـ
فأما الأول فمن وجوه:
أحدها: أن النبي صلى الله عليه وسلم بين لأصحابه القرآن لفظه ومعناه جميعاً، فإن البيان لا يحصل بدون هذا، وقد قال تعالى: {لتبين للناس ما نزل إليهم} [النحل/4]، وقال: {هذا بيان للناس} [آل عمران/138]. ولو خاطبهم بلفظ لم يفهموا معناه لم يكن ذلك بياناً. وقد امتن عليهم في غير موضوع بكونه أرسله بلسان عربي وأنه يسره (1) عليهم بذلك، فقال: {إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون} [يوسف/2]، فهل يعقلونه إذا لم يعرفوا اللفظ؟ وكذلك: {فإنما يسرناه بلسانك لعلهم يتذكرون} [الدخان/58]، فكيف يتذكر من لا يفهم الكلام؟ قال: {ولو جعلناه قرآناً أعجمياً لقالوا لولا فصلت آياته أعجمي وعربي} [فصلت/44] أي أقرآن أعجمي ونبي وعربي أو مخاطب عربي! فدل على أنه فصل آياته، والتفصيل التبيين المنافي للإجمال، فلو كانت آياته مجملة لم يفهم معناها لم تكن آياته قد فصلت، والتفصيل إنما يكون للبيان والتمييز الذي يزول معه الاشتباه والاشتراك والإجمال المنافي لفهم المراد بالخطاب، وإن كان المعني المفهوم قد يحصل بينه وبين معنى آخر مشابهة ومشاركة تمنع إدراك حقيقته التي لا تفهم بمجرد اللفظ. وقد قال الله تعالى: {وما على الرسول إلا البلاغ المبين} [العنكبوت/18]، وإذا كان المخاطبون لم يفهموا معنى كلامه لم يكن قد بلغهم بلاغاً مبيناً، ومن قال ذلك فلم يشهد له بالبلاغ.
وهذا حال هؤلاء الذين يزعمون أنه لم يعرف من جهته معاني القرآن، فإنهم يقولون: لم يبين ولم يبلغ، وإن كانوا يقولون ما يستلزم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير