تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكثير من الناس قد يطرق سمعه هذه الأحاديث، ولا يجمعها وطرقها في قلبه، وإن كان من سامعي الحديث وكتابه، ومعلوم أن حصول العلم في القلب بموجب التواتر مثل حصول الشبع والري، وكل واحد من الأنباء يفيد قدراً من الاعتقاد، فإذا تعددت الأخبار وقويت أفادت العلم، إما للكثرة وإما للقوة وإما لمجموعهما.


(1) في الأصل: " رؤية ".
(2) أخرجه البخاري (529،547،4570،6997) ومسلم (633).
(3) ذكر ابن القيم في حادي الأرواح (ص593 - 685) ثمانية وعشرين حديثاً مع بيان طرقها والكلام عليها.
(1/ 38)
والعلم بموجب الخبر لا يكون بمجرد سماع حروفه، بل بفهم معناه مع سماع لفظه، فإذا اجتمع في القلب المستمع للأخبار المروية [العلم] بطرقها والعلم بحال رواتها حصل له العلم الضروري الذي لا يمكنه دفعه. ويدل على ذلك أن جميع أئمة الحديث المعروفين المشهورين قاطعون (1) بمضمون هذه الأحاديث، شاهدون (2) على رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، جازمون بأن من كذب بمضمونها فهو ضال أو كافر، مع علم كل أحد بفرط علم القوم ودينهم، وأنهم أعلم أهل الأرض علماً بما يصدق ويكذب بأحوال المخبرين، وأنهم يجردون الرواية والخبر تجريداً لا يفعله أحد لا من المسلمين ولا من غير المسلمين فيما يأخذه بالنقل عن الأنبياء ولا عن غيرهم، والمرجع في العلم بخبر هذه الأخبار إلى ما يجده الإنسان في نفسه من العلم الضروري، ليس له إلا ذلك، كما يرجع إلى ما يجده من العلوم الوجودية كاللذة والألم وما يحس، وكل من كان من العلماء بالحديث من الأولين والآخرين يجد ذلك ويحلف عليه ويباهل عليه، ومن ... (3) يباهلنا باهلناه، فإن أتباع الأنبياء تباهل على ما جاءوا به، كما دعا الأنبياء إلى المباهلة على ما أتاهم من عند الله.
وقول القادح في النبوة: يجوز أن يكون الذي جاءه شيطان، ويجوز أن يكون [كاذباً] عليه، مثل قول هؤلاء القادحين فيما أتاهم به ورثة الأنبياء: يجوز أن يكون رواة هذه الأخبار كاذبين أو غالطين، وكل أحد يعلم أن المتدينين بالحديث أصدق الطوائف وأعدلها وأقلها كذباً

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير