و من مثل ما جاء في هذا الكتاب " يؤخذ دم الحائض التي لم يمسها رجل و يخلط مع المني و يكتحل به , فإنه يقطع البياض من العين " , و الحق أنه يقطع النور من العين.
أقول: لا يكتب هذا و يعمل به , إلا من سفه نفسه , و ضل عقله , و عاش أحمق جاهلا مغفلا.
يقول الشيخ محمد عبد السلام " من عمل بشيء من هذا معتقدا أن فيه شفاءه , أهلكه الله , ذلك لأنه اعتقد أن شفاءه في الكذب على الله , و ترك المفروض عليه من الدعاء و الدواء ". ص 129 إلى 132) اهـ. من كتاب شيخنا – حفظه الله تعالى -.
وقال بعض الإخوة الذين لهم اهتمام بالأعشاب وكتب الطب الشعبي:
[ ... إن كتاب الرحمة الذي أشرنا إليه ينسب للسيوطي زوراً؛ إنما الراجح كما أخبرنا الأزرق رحمه الله أنه للفقيه المقري؛ وقد رصدت (شخصياً) في ذاك الكتاب الكثير من الكلمات والمدلولات التي ليست من كلام السيوطي أو المصريين عموماً، بل هي من لهجة إخوتنا المغاربة وتحديداً (في تونس والجزائر) وفي الكتاب ذاك (أقصد الرحمة) تخاليط وأوهام هي غالباً من تخاريف الصوفية وجهلة الزهاد وأغلبها لا تستقيم مع العقل والنقل والمنطق السليم؛ ولا قيمة لها في موازين الدين الصحيح .. ] اهـ.
قلت (علي): والأزرق هو إبراهيم بن عبد الرحمن اليمني، وكلامه في كتابه " تسهيل المنافع في الطب " وقد اعتمد في كتابه آنف الذكر على كتابين: الأول: هذا – الرحمة - المنسوب زورا للسيوطي، والثاني: شفاء الأجسام، لجمال الدين محمد بن أبي الغيث الكَمَراني، المتوفي سنة 857 هـ / 1453 م، راجع حاجي خليفة 2/ 1049 و كحالة 3/ 579.ط. الرسالة.
ونُسِب كتاب الأزرق هذا خطأ – أو عمدا! فالله أعلم- للعُماني محمد بن ناصر بن سليمان الطبيب العماني كما نُشر في عُمان!.
وقد ذكر الأزرق في بداية كتابه هذا أنه استفاد من كتاب " الرحمة .. " وعزاه للصبنري اليمني سالف الذكر، وقول أخينا: " المقري " هو نفسه الصبنري اليمني هذا، والمقري نسبة إلى مقرة، ومقرة في الجزائر الآن شرق مدينة (المحمدية) أي (المسيلة) حالياً، بنحو ثلاثين كيلو متراً أو ستين كيلا، وهي لا تزال تنطق هكذا (مَقْرَة) حتى اليوم، بسكون القاف، وممن ينسب إلى هذه البلدة أو القرية صاحب نفح الطيب، فشيوع نسبته إليها اليوم بفتح على تشديد القاف (المقّري) الأرجح أنه خطأ، والناس على قولين في ضبط كلمة < مقري >، فمعظم من كانوا قبل أبي العباس المقري صاحب النفح والأزهار على ضبط هذه النسبة بميم مفتوحة وقاف ساكنة مخففة ... وخالف في ذلك جماعة من القدماء منهم الثعالبي عبد الرحمن .. والونشريسي ... والمتأخرون جلهم على ضبطها " المقَّري " بالفتح والتشديد ... وقد خص ضبطها بعض المصنفين برسالة معنونة بـ < الوشي العبقري في ضبط لفظة المقري > ...
و أهل المغرب (أدناه وأوسطه وأقصاه) مُولَعون بالتخفّف والتسهّل، وقد بلغني أن البلدة المنسوبٌ إليها تُلفظ الآن: مَقْرة، والقاف معقودة.
وأستأنِس لذلك بكتاب *النور البدْري، في التعريف بالفقيه المَقْري* لابن مرزوق الحفيد، وكان يذهب إلى أن النسبة بإسكان القاف، صرح بذلك في شرح الألفية، كما في النفح.
ولقد أخطأ الزركلي في قوله: " إن مقْرة من قرى تلمسان "، ولقد تبع في هذا الخطأ السيوطي قبله كما في " لب اللباب في تحرير الأنساب ".
وقد ساق شيخنا الشيخ مشهور كلام الشقيري – رحمه الله بتمامه لأهميته، وها أنا أسوقه لك كما صنع شيخنا – حفظه الله تعالى -:
قال الشيخ الشقيري في " السنن والمبتدعات ":
[[وقال شيخ الدجالين والعرافين، وإمامهم وقدوتهم إلى الجهل والبله والغباء والجنون، صاحب " كتاب الرحمة - بل اللعنة - في الطب والحكمة "، قال:
يؤخذ دم الحائض التي لم يمسها رجل، ويخلط مع المنى!، ويكتحل به!!، فإنه يقطع البياض من العين " اهـ.
والحق أنه يقطع النور من العين.
وقال أيضا: " يكتب للرمد: قل هو الله أحد، إن في العين رمد، احمرار
في البياض، حسبي الله الصمد، يا إلهي باعترافي في اعتزالك عن ولد، عاف عيني يا إلهي، اكفني شر الرمد، ليس لله شريك لا ولا كفواً أحد ".
وقال أيضاً: " فائدة!!: من حفظ هذين البيتين لم يرمد أبدا!!:
يا ناظري بيعقوب أعيذكما ** بما استعاذ به إذْ مسه الكمد
¥